مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٢
عن الرامي إلى جهة لا يمكنه فيها الرمي فيتشاءم به وجمعه بوارح، وخص السانح بالمقبل من جهة يمكن رميه ويتيمن به، والبارحة الليلة الماضية وبرح ثبت في البراح ومنه قوله عز وجل (لا أبرح) وخص بالاثبات كقولهم لا أزال لان برح وزال اقتضيا معنى النفي ولا للنفي والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله عز وجل (لن نبرح عليه عاكفين) وقال تعالى: (لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين) ولما تصور من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التبريح والتباريح فقيل برح بي الامر وبرح بي فلان في التقاضي، وضربه ضربا مبرحا، وجاء فلان بالبرح وأبرحت ربا أبرحت جارا أي أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ برحى: دعاء عليه وإذا أصاب مرحى دعاء له، ولقيت منه البرحين والبرحاء أي الشدائد، وبرحاء الحمى شدتها.
برد: أصل البرد خلاف الحر فتارة يعتبر ذاته فيقال برد كذا أي اكتسب بردا وبرد الماء كذا أي كسبه بردا نحو * ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا * ويقال برده أيضا وقيل قد جاء أبرد وليس بصحيح ومنه البرادة لما يبرد الماء، ويقال برد كذا إذا ثبت ثبوت البرد واختصاص الثبوت بالبرد كاختصاص الحركة بالحر فيقال برد كذا أي ثبت كما يقال برد عليه دين قال الشاعر:
* اليوم يوم بارد سمومه * وقال آخر:
* قد برد الموت على مصطلاه * أي برود أي ثبت، يقال لم يبرد بيدي شئ أي لم يثبت. وبرد الانسان مات وبرده قتله ومنه السيوف البوارد وذلك لما يعرض للميت من عدم الحرارة بفقدان الروح أو لما يعرض له من السكون، وقولهم للنوم برد إما لما يعرض من البرد في ظاهر جلده أو لما يعرض له من السكون وقد علم أن النوم من جنس الموت لقوله عز وجل (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) وقال (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) أي نوما. وعيش بارد أي طيب اعتبارا بما يجد الانسان من اللذة في الحر من البرد أو بما يجد فيه من السكون.
والأبردان الغداة والعشي لكونهما أبرد الأوقات في النهار. والبرد ما يبرد من المطر في الهواء فيصلب وبرد السحاب اختص بالبرد وسحاب أبرد وبرد ذو برد، قال الله تعالى:
(وينزل من السماء من جبال فيها من برد) والبردي نبت ينسب إلى البرد لكونه نابتا به. وقيل أصل كل داء البردة أي التخمة، وسميت بذلك لكونها عارضة من البرودة الطبيعية التي تعجز عن الهضم. والبرود يقال لما يبرد به ولما يبرد فتارة يكون فعولا
(٤٢)
مفاتيح البحث: الموت (3)، النوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست