دهر: الدهر في الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه، وعلى ذلك قوله تعالى: (هل أتى على الانسان حين من الدهر) ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة وهو خلاف الزمان فإن الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة، ودهر فلان مدة حياته واستعير للعادة الباقية مدة الحياة فقيل ما دهري بكذا، ويقال دهر فلانا نائبة دهرا أي نزلت به، حكاه الخليل، فالدهر هاهنا مصدر، وقيل دهدره دهدرة، ودهر داهر ودهير.
وقوله عليه الصلاة والسلام: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " قد قيل معناه إن الله فاعل ما يضاف إلى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة، فإذا سببتم الذي تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى عن ذلك.
وقال بعضهم: الدهر الثاني في الخبر غير الدهر الأول وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه أن الله هو الداهر أي المصرف المدبر المفيض لما يحدث، والأول أظهر. وقوله تعالى إخبارا عن مشركي العرب: (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) قيل عنى به الزمان.
دهق: قال تعالى: (وكأسا دهاقا) أي مفعمة، ويقال أدهقت الكأس فدهق ودهق لي من المال دهقة كقولك قبض قبضة دهم: الدهمة سواد الليل، ويعبر بها عن سواد الفرس، وقد يعبر بها عن الخضرة الكاملة اللون كما يعبر عن الدهمة بالخضرة إذا لم تكن كاملة اللون وذلك لتقاربهما باللون. قال الله تعالى: (مدهامتان) وبناؤهما من الفعل مفعال، يقال ادهام ادهيماما، قال الشاعر في وصف الليل:
* في ظل أخضر يدعو هامه البوم * دهن: قال تعالى: (تنبت بالدهن)، وجمع الدهن أدهان. وقوله تعالى: (فكانت وردة كالدهان) قيل هو دردي الزيت، والمدهن ما يجعل فيه الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل من الآلة، وقيل للمكان الذي يستقر فيه ماء قليل مدهن تشبيها بذلك، ومن لفظ الدهن استعير الدهين للناقة القليلة اللبن وهي فعيل في معنى فاعل أي تعطى بقدر ما تدهن به.
وقيل بمعنى مفعول كأنه مدهون باللبن أي كأنها دهنت باللبن لقلته والثاني أقرب من حيث لم يدخل فيه الهاء، ودهن المطر الأرض بلها بللا يسيرا كالدهن الذي يدهن به الرأس، ودهنه بالعصا كناية عن الضرب على سبيل التهكم كقولهم مسحته بالسيف وحييته بالرمح. والادهان في الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة، وترك الجد، كما جعل التقريد وهو نزع القراد