مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ١٦٨
درك ولما يلحق الانسان من تبعة درك كالدرك في البيع قال تعالى: (لا تخاف دركا ولا تخشى) أي تبعة. وأدرك بلغ أقصى الشئ، وأدرك الصبى بلغ غاية الصبا وذلك حين البلوغ، قال (حتى إذا أدركه الغرق) وقوله:
(لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) فمنهم من حمل ذلك على البصر الذي هو الجارحة ومنهم من حمله على البصيرة وذكر أنه قد نبه به على ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه في قوله:
يا من غاية معرفته القصور عن معرفته إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الأشياء فتعلم أنه ليس بشئ منها ولا بمثلها بل هو موجد كل ما أدركته. والتدارك في الإغاثة والنعمة أكثر نحو قوله تعالى (لولا أن تداركه نعمة من ربه) وقوله (حتى إذا اداركوا فيها جميعا) أي لحق كل بالآخر. وقال:
(بل ادارك علمهم في الآخرة) أي تدارك فأدغمت التاء في الدال وتوصل إلى السكون بألف الوصل وعلى ذلك قوله تعالى: (حتى إذا اداركوا فيها) ونحوه (اثاقلتم إلى الأرض) (واطيرنا بك) وقرئ (بل أدرك علمهم في الآخرة) وقال الحسن: معناه جهلوا أمر الآخرة وحقيقته انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها.
وقيل معناه بل يدرك علمهم ذلك في الآخرة أي إذا حصلوا في الآخرة لان ما يكون ظنونا في الدنيا، فهو في الآخرة، يقين.
درهم: قال تعالى: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) الدرهم: الفضة المطبوعة المتعامل بها.
درى: الدراية المعرفة المدركة بضرب من الختل، يقال دريته ودريت به درية نحو: فطنت، وشعرت، وادريت قال الشاعر:
وماذا يدرى الشعراء منى * وقد جاوزت رأس الأربعين والدرية لما يتعلم عليه الطعن وللناقة التي ينصبها الصائد ليأنس بها الصيد فيستتر من ورائها فيرميه، والمدري لقرن الشاة لكونها دافعة به عن نفسها، وعنه استعير المدري لما يصلح به الشعر، قال تعالى: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) وقال: (وإن أدرى لعله فتنة لكم) وقال (ما كنت تدرى ما الكتاب) وكل موضع ذكر في القرآن. وما أدراك، فقد عقب ببيانه نحو (وما أدراك ما هيه، نار حامية - وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر - وما أدراك ما الحاقة - ثم ما أدراك ما يوم الدين) وقوله (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به) من قولهم دريت ولو كان من درأت لقيل: ولا أدرأتكموه. وكل موضع ذكر فيه " وما يدريك " لم يعقبه
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست