أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله) وقال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) وقال: (وإن خفتم ألا تقسطوا)، وقوله (وإن خفتم شقاق بينهما) فقد فسر ذلك بعرفتم، وحقيقته وإن وقع لكم خوف من ذلك لمعرفتكم. والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات، ولذلك قيل لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا. والتخويف من الله تعالى هو الحث على التحرز وعلى ذلك قوله تعالى: (ذلك يخوف الله به عباده) ونهى الله تعالى عن مخافة الشيطان والمبالاة بتخويفه فقال: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون وإن كنتم مؤمنين) أي فلا تأتمروا لشيطان وإئتمروا لله ويقال تخوفناهم أي تنقصناهم تنقصا اقتضاه الخوف منه. وقوله تعالى (وإني خفت الموالى من ورائي) فخوفه منهم أن لا يراعوا الشريعة ولا يحفظوا نظام الدين، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهلة قالقنيات الدنيوية أخس عند الأنبياء عليهم السلام من أن يشفقوا عليها. والخيفة الحالة التي عليها الانسان من الخوف، قال تعالى:
(فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف) واستعمل استعمال الخوف في قوله:
(والملائكة من خيفته) وقوله: (تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) أي كخوفكم وتخصيص لفظ الخيفة تنبيها أن الخوف منهم حالة لازمة لا تفارقهم، والتخوف ظهور الخوف من الانسان، قال: (أو يأخذهم على تخوف).
خيل: الخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة في المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي، ثم تستعمل في صورة كل أمر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخبال، والتخييل تصوير خيال الشئ في النفس والتخيل تصور ذلك، وخلت بمعنى ظننت يقال اعتبارا بتصور خيال المظنون. ويقال خيلت السماء: أبدت خيالا للمطر، وفلان مخيل بكذا أي خليق وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك.
والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للانسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة، والخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعا وعلى ذلك قوله تعالى: (ومن رباط الخيل) ويستعمل في كل واحد منهما منفردا نحو ما روى: يا خيل الله اركبي، فهذا للفرسان، وقوله عليه السلام: " عفوت لكم عن صدقة الخيل " يعنى الأفراس. والأخيل:
الشقراق لكونه متلونا فيختال في كل وقت أن له لونا غير اللون الأول ولذلك قيل:
* كادت براقش كل لون لونه يتخيل *