* (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (9) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير (10) ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن) * * والقول الثاني: أن الله تعالى سمى لكل أحد من خلقه منزلا في النار ومنزلا في الجنة، فمن كان مؤمنا يرث منزلة الكافر في الجنة، ومن كان كافرا يرث منزل المؤمن في النار، وهو معنى التغابن يوم القيامة. وعن بعضهم: أن الغبن هو أخذ الشيء بدون قيمته، فبالتفاوت الذي يقع بين القيمة وما دونها يحصل التغابن، فالمؤمنون لما عملوا للجنة وللنعيم الباقي فقد غبنوا أهل النار، والكفار لما اختاروا النعيم المنقطع على النعيم الباقي، والدار التي تفنى على الدار التي لا تفنى؛ فقد غبنوا. قال زيد بن علي: غبنوا أنفسهم. والغبن هاهنا يعني الخسران في (غير) هذا الموضع.
وقوله تعالى: * (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير) أي: المرجع والمنقلب.
قوله تعالى: * (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله) أي: بعلمه وقضائه وتقديره.
وقوله: * (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) قال علقمة: ومن يؤمن بالله في المصيبة أي: يعلم أنها من الله يهد قلبه للاسترجاع والتسليم لأمر الله تعالى. ومثله عن سعيد بن جبير. وعن بعضهم: يهد قلبه أي: للصبر إذا ابتلي، وللشكر إذا أنعم عليه، وللعفو إذا [ظلم] وقال عكرمة: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه. وذكر الأزهري في كتابه أن معنى قوله: * (يهد قلبه) أي: يجعله مهتديا، وقد أيد هذا القول ما حكي عن ابن جريج أنه قال: من عرف الله فهو مهتدي القلب.