تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٣٨٣
* (الله سميع بصير (1) الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور (2) والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم) * * قوله تعالى: * (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم) أي: ليس هن بأمهاتهم، والمعنى: أنه ليس أزواجهن كما قالوا: إن ظهورهن كظهر أمهاتهم.
وقوله: * (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) قال قتادة: أي: كذبا. والكذب هو قوله لها: أنت علي كظهر أمي.
وقوله: * (وإن الله لعفو غفور) أي: لمن ندم على قوله، وهذا قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير) قال الحسن وطاوس والزهري: العود هو الوطء، وهذا قول مالك. وعن ابن عباس: هو أن يندم على ما قال ويرجع إلى الألفة. ومذهب الشافعي في العود أنه يمسكها على النكاح عقيب الظهار ولا يطلقها، قال: وإنما يكون هذا عودا؛ لأن الظهار قصد التحريم، فإذا مضى وقت عقيب الظهار، ولم يحرمها على نفسه بالطلاق، فهو عائد عما قال. ويجوز أن يكون على هذا قول ابن عباس الذي ذكرنا.
وأما مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: العود هو أن يعزم على إمساكها، فإذا فعل ذلك فقد تحقق العود. والفرق بين هذا وبين قول الشافعي أنه إذا مضى عقيب الظهار وقت يمكنه أن يطلقها فيه ولم يطلق فهو عائد، وإن لم يعزم على إمساكها.
وعند أبي حنيفة ما لم يعزم على إمساكها لا يكون عائدا.
وفي الآية قول رابع، وهو قول أبي العالية وبكير بن عبد الله الأشج: أن العود هو أن يكرر لفظ الظهار وأولا العود لما قالوا بهذا. وقال القتيبي: ثبت الظهار بنفس القول وتجب الكفارة. ومعنى العود في هذا هو العود إلى ما كان عليه أهل الجاهلية من فعل
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»