تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٣٧٩
* (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون (26) ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايته فآتينا الذين آمنوا منهم) * * قوله تعالى: * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد) أي: مسلم. * (وكثير منهم فاسقون) أي: كافرون.
قوله تعالى: * (ثم قفينا على آثارهم برسلنا) أي: أتبعنا.
وقوله: * (وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل) أي: أعطيناه الإنجيل جملة.
وقوله: * (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) الرأفة: أشد الرحمة، والمراد بهؤلاء: هم الذين بقوا على دين الحق، ولم يغيروا ولم يبدلوا بعد عيسى عليه السلام.
وقوله: * (ورهبانية ابتدعوها) أي: وابتدعوها رهبانية من تلقاء أنفسهم، والرهبانية هي ما ابتدعوها من السياحة في البراري (والمفاوز). قيل: هو التفرد في الديار والصوامع للعبادة. وقد روي عن النبي أنه قال: ' لا رهبانية في الإسلام '. وفي رواية قال: ' رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله '. وفي الأخبار: أن سبب ابتداعهم الرهبانية أن الملوك بعد عيسى عليه السلام بدلوا دين عيسى، وقتلوا العباد والأخيار من بني إسرائيل حين دعوهم إلى الحق؛ فقال الأخيار فيما بينهم وهم الذين بقوا إنهم وإن قتلونا لا يسعنا المقام فيما بينهم والسكوت، فلحق بعضهم بالبراري وساحوا، وبنى بعضهم الصوامع وتفردوا فيها للعبادة، فكان أصل الرهبانية بهذا السبب.
وقوله: * (ما كتبناها عليهم) أي: ما فرضناها عليهم.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»