تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٢٨٩
* (أفتماروه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13)) * * والجواب: أنهم قالوا: إن الله تعالى خلق رؤية لفؤاده، فرأى بفؤاده مثل ما يرى الإنسان بعينه. وعلى القول الأول الرؤية منصرفة إلى جبريل.
قوله تعالى * (أفتمارونه على ما يرى) بعني أفتجادلونه وكانت مجادلتهم مجادلة الشاكين المكذبين وقد روى أنهم استعوصفوه مسجد بيت المقدس واستخبروه عن عيرهم في الطريق وقربها من مكة وقرئ ' أفتمرونه على ما يرى أي أفتجحدونه قال الشاعر:
(لئن هجرت أخا صدق ومكرمة * فقد مريت أخا ما كان يمركما) أي جحدت.
قوله تعالى: * (ولقد رآه نزلة أخرى) أي: رأى جبريل عليه السلام نزلة أخرى أي: مرة أخرى. فإن قيل: قد كان رآه كثيرا، فما معنى نزلة أخرى؟ والجواب: أنه لم ير جبريل في [صورته التي خلق عليها] إلا مرتين: مرة بالأفق الأعلى، وكان ذلك عند ابتداء الوحي، وقال أهل المعاني: كان ذلك شبه آية أراها النبي ليعلم أنه من الله. والمرة الثانية رآه عند سدرة المنتهى ليلة المعراج كما قال: * (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) والسدرة شجرة النبق. وفي التفسير: أنها في السماء السابعة، ويقال: في السادسة. وعن عكرمة: هي على يمين العرش.
وقد ثبت عن النبي أنه قال: ' رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها كقلال هجر، وأوراقها كآذان الفيلة، يخرج من أصلها أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان '. على ما بينا.
واختلف القول في معنى المنتهى، قال بعضهم: ينتهي إليها علم الملائكة، ولا يعلمون ما وراء ذلك، وهو القول المعروف.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»