نزلت الآية، إنكم لو رأيتموه لقلتم إن القرب الذي بينهما قاب قوسين أو أدنى أو أنقص، وقيل: أزيد أو أنقص، وأما ذكر القوس فهو على ما كانوا يعتادونه، وقرب القوس من الوتر معلوم. ويقال: إن القوسين هاهنا بمعنى القوس الواحد، وقد ذكرنا أن الشيء الواحد يذكر بلفظ التثنية. والظاهر أن المراد منه القوسان على الحقيقة، وهو غير مستنكر في لغة العرب، ولا يستبعد.
القول الثاني في الآية: أن قوله: * (ثم دنا) أي: دنا محمد من ربه.
وقوله: * (فتدلى) أي: زاد في الدنو. وفي رواية مالك بن صعصعة أن النبي [قال]: ' بينا أنه قاعد إذ أتاني جبريل فلكزني بين كتفي، فقمت فإذا شجرة عليها شبه وكرين، فجلست في أحدهما، وجلس جبريل في الآخر، وارتفعنا إلى السماء، ورأيت نورا عظيما، ونظرت فإذا جبريل كالحلس فعرفت فضل خشيته على خشيتي، ولط دوننا الحجاب '. وفي بعض الروايات قال: ' فارقني جبريل، وهدأت الأصوات، وسمعت من ربي: ادن يا محمد '. وقد ذكر هذا اللفظ في الصحيح، وهو دنو محمد من ربه ليلة المعراج.
والقول الثالث: أن معنى قوله: * (ثم دنا) أي: دنا الرب من محمد، وهو لفظ ثابت أيضا، وهو على ما شاء الله.
وقوله: * (فتدلى) أي: زاد في الدنو، والمعروف عند الأكثرين القول الأول، وهو الأسلم.