* (فكان قاب قوسين أو أدنى (9) * * النبي وصار ما بينهما قاب قوسين أو أدنى، وهو معنى قوله: * (فكان قاب قوسين أو أدنى) أي: كان (بينهما) مقدار قوسين أو أقل من ذلك، وقاب لغة يمانية في هذا المعنى، قال الشاعر:
((ألم تعلموا أن رشيمة لم تكن * لتبخسنا من وراء قاب إبهام)) وعن عائشة رضي الله عنه قاب نصف الإبهام. وروى أسباط عن السدى أن قوله: * (فكان قاب قوسين أو أدنى) أي: قدر ذراعين. وقال مجاهد: من الوتر إلى المقبض. وقيل: من السية إلى السية، فإن قيل: إذا حملتم هذا على جبريل، فكيف تقدير الآية؟ والجواب: أن معناه: ' أن جبريل لما استوى في الأفق الأعلى على صورته غشي على النبي ' وهو مروي في الأخبار من عظم ما رأى، فانتقل جبريل من صورته إلى الصورة التي كان يلقى النبي فيها، وهو صورة رجل، ودنا من النبي، وهو معنى قوله: * (ثم دنا) ثم نكس رأسه إليه، بمعنى قوله: * (فتدلى) وضمه إليه، فسكنه من روعته.
فإن قيل: ما معنى قوله: * (فكان قاب قوسين أو أدنى) [و] ' أو ' كلمة تشكيك، ولا يجوز الشك على الله تعالى. وإن كان بمعنى الواو، فكان ينبغي أن يقول: فكان منه أدنى من قاب قوسين، وأيضا فقد قال: * (قاب قوسين أو أدنى) وأي معنى لذكر القوسين هاهنا وتخصيصهما بالذكر، وقد كان يمكنه تمثيله وتشبيهه بشيء واحد غير القوس فلا يحتاج إلى ذكر القوسين؟ والجواب: أن القرآن نزل بلغة العرب على ما كانوا يتخاطبون به، ويفهم بعضهم من بعض، فعلى هذا