* (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق (33) ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه) * * * والقول الثاني: أن الخير ها هنا هو الدنيا أي: آثرت الدنيا على ذكر ربي أي: صلاة العصر.
قوله: * (حتى توارت بالحجاب) أي: توارت الشمس بالحجاب، فكنى عن الشمس وإن لم يجر لها ذكر، وقد بينا مثال هذا، ويقال: قد سبق ما يدل على ذكر الشمس، فاستقامت الكناية عنها، وذلك قوله تعالى: * (إذ عرض عليه بالعشي) والعشي لا يعرف إلا بالشمس.
وأما الحجاب، فيقال: إنه جبل قاف، والشمس تغرب من ورائه، ويقال: إنه جبل من ياقوت أخضر، وخضرة السماء منه.
قوله تعالى: * (ردوها علي) أي: ردوا الخيل علي، وقوله: * (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد منه أنه قطع عراقيبها وأعناقها، وهذا مروي عن ابن عباس والحسن وقتادة، وأورده الفراء والزجاج.
قال الحسن: كسف عراقيبها وضرب أعناقها، قال الزجاج: ويجوز أن يكون الله تعالى أباح له في ذلك الوقت وحرم في هذا الوقت علينا ولم يكن ليقدم نبي الله تعالى على ذلك، وهو محرم عليه، وكيف يستغفر من ذنب بذنب؟!.
وعن ابن عباس في بعض الروايات: أن سليمان عليه السلام جعل يمسح عراقيبها وأعناقها بيده وثوبه؛ شفقة عليها، وهذا قول ضعيف، ولا يليق هذا الفعل بما سبق، والمشهور هو القول الأول.
وذكر الكلبي: أن الخيل كانت ألفا، فقتل منها تسعمائة وبقيت مائة، فهي أصل الخيل العتاق التي بقيت في أيدي الناس.
ويقال: إنها كانت خيلا أخذها من العمالقة، وكانت تعرض عليه؛ فغفل عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فأمر بردها عليه، وقطع عراقيبها، وضرب أعناقها؛ لأنها ألهته عن ذكر الله، ويقال: ذبحها ذبحا وتصدق بلحومها، وكان الذبح حلالا في شريعته على ذلك الوجه.