تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٦
وقوله: * (فاستغفر ربه) أي: طلب المغفرة من ربه (وخر راكعا) أي: ساجدا، فعبر عن السجود بالركوع؛ لأن كل واحد منهما نوع من الانحناء.
وقوله: * (وأناب) أي: رجع وتاب، قال مجاهد: مكث داود ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه. ويقال: مكث في السجود وبكى حتى نبت العشب حول رأسه.
وذكر النقاش في تفسيره: أن الله تعالى بعث إليه ملكا بعد أربعين يوما أن أرفع رأسك، فلم يرفع، فقال له الملك: أيها العبد، أول أمرك ذنب وآخره معصية، ارفع رأسك حين أمرك ربك.
وذكر وهب بن منبه: أن داود صلوات الله عليه لم يشرب بعد ذلك ماء، إلا وقد مزجه بدموعه، ولم يأكل طعاما إلا وقد بله بدموعه، ولم ينم على فراش إلا وقد غرقه بدموعه.
وأم حكم السجود في هذه الآية، فذكر بعضهم: أنها سجدة شكر، وذكر بعضهم: أنها سجدة عزيمة، وقد روى الشافعي رحمه الله بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان لا يسجد في ' سورة ص ' ويقول: إنها توبة نبي.
وفي بعض التفاسير: أن داود عليه السلام لما قال ما قال ضحك أحد الملكين إلى صاحبه، ثم ارتفعا إلى السماء، فعلم داود أنهما أراداه بذلك القول وأنهما ملكان مبعوثان من قبل الله تعالى فحينئذ وقع على الأرض ساجدا.
قوله تعالى: * (فغفرنا له ذلك) فغفرنا له ذنبه ذلك، وعن [أبي] سليمان الداراني: أن الله تعالى قال: يا داود قد غفرت ذنبك، وأما المودة التي كانت بيني وبينك فقد مضت.
وفي القصة: أن الوحوش والطيور كان تستمع إلى قراءاته وتصغي إليها، فلما فعل ما فعل، [كان] يقرأ الزبور بعد ذلك، ولا تصغي الطيور ولا الوحوش إلى ذلك،
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»