تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٣٦٨
* (الأذقان فهم مقحمون (8) وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم) * * بذكرها عن ذكر الأيدي، قال الأزهري: معنى الآية: إنا جعلنا في أعناقهم وأيديهم أغلالا، فهي كناية عن الأيدي.
فإن قيل: فكيف يكنى عن الأيدي ولم يجر لها ذكر؟ والجواب عنه: أن العرب تكني عن الشيء وإن لم تجر له ذكرا، إذا كان معلوما.
قال الشاعر:
(ولا أدري إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني) (أألخير الذي أنا أبتغيه * أم الشر الذي هو يبتغيني) فقد كنى بقوله: أيهما عن الشر والخير، والشر غير مذكور.
وقوله: * (إلى الأذقان) معناه: إلى الأعناق إلا أنه ذكر الأذقان لقرب الأعناق من الأذقان، وقوله: * (فهم مقحمون) المقمح: هو الذي رفع رأسه وغض طرفه، والعرب تسمى الكانونين شهري القماح؛ لأن الإبل ترد الماء وتشرب، فترفع رأسها من شدة البرد، قال الشاعر:
(ونحن على جوانبه قعود * نغض الطرف كالإبل القماح) وقرأ ابن مسعود: ' إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا '، وهي قراءة معروفة عنه.
قوله تعالى: * (وجعلنا من بين أيديهم سدا) وقرئ: ' سدا ' برفع السين.
قال عكرمة: ما كان من صنع الله فهو سد، وما كان من صنع المخلوقين فهو سد، وقال غيره: السد ما يرى، والسد ما لا يرى، ومنهم من لم يفرق بينهما، وقال هما بمعنى واحد.
قال أهل التفسير: ذكر السد ها هنا على طريق ضرب المثل، وكذلك ذكر الأغلال في الآية الأولى على قول بعضهم، والمعنى من ذكر الأغلال منعهم عن الإنفاق في
(٣٦٨)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»