* (السعير (12) يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور) * * الآخر: أنه كان (يكون) عند سليمان ملك قائم بيده سوط من نار، فإذا عصى أحد من الشياطين ضربه فيحرقه، فهو معنى قوله: * (نذقه من عذاب السعير).
قوله تعالى: * (يعملون له ما يشاء من محاريب) أي: المساجد، ويقال: الأبنية المرتفعة. وفي القصة: أنه أمرهم ببناء الحصون بالصخر، فبنوا باليمن حصونا كثيرة عجيبة، وهي صرواح ومرواح وفلتون وهندة وهنيدة وغمدان وغير ذلك.
وقوله: * (وتماثيل) أي: الصور. فإن قال قائل: أليس أن عمل الصور مكروه؟ قلنا: هو في هذه الشريعة، ويحتمل أنها كانت مباحة في شريعته، وقد كان عيسى يصور من الطين وينفخ فيه فيجعله الله طيرا. واختلف القول في الصور التي اتخذتها الشياطين؛ فأحد القولين: أنها صورة السباع والطيور من العقبان والنسور، وما أشبه ذلك.
والقول الثاني: أنه أمرهم باتخاذ صورة الأنبياء والزهاد والعباد، حتى إذا نظرت بنو إسرائيل إليهم ازدادوا عبادة.
وقوله: * (وجفان كالجواب) أي: كالحياض، والجفان جمع جفنة. وفي القصة: أن كل جفنة كان يقعد عليها ألف إنسان. وأنشد حسان في الجفنة شعرا:
(لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى * وأسيافنا من نجدة تقطر الدما) وأنشدوا في الجابية:
(كجابية الشيخ العراقي تفهق) أي: تمتلئ.
وحكى عثمان بن عطاء عن أبيه أنه رأى مرة من هذه القصاع الصغار فقال: والله لقد ذهبت البركة من كل شيء، وقرأ قوله: * (وجفان كالجواب).
وفي القصة: أنه كان لسليمان عليه السلام سماط يسع أربعمائة ألف إنسان،