* (يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (14) لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان) * * الغيب ما لبثوا في العذاب المهين أي: التعب والشقاء الطويل، ذكره الأزهري على هذا التقرير. وأما المتقدمون قالوا معناه: تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، والقراءة هكذا في مصحف ابن مسعود، وهكذا قرأ ابن عباس أيضا. والتأويل الثالث: أن، معنى الآية: * (تبينت الجن) أي: عرفت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. وروى الضحاك عن ابن عباس في رواية أخرى: أن سليمان لم يكن متوكئا على العصا، وإنما كان في بيت مغلق وتوفاه الله تعالى، وأكلت الأرضة عتبة الباب، فسقط الباب بعد حول، وظهر للجن موته.
وأشهر القولين هو الأول، وفي القصة: أن سليمان عليه السلام لما فرغ من بناء المسجد ذبح [اثنتي عشرة] ألف بقرة ومائة وعشرين ألف شاة تقربا إلى الله تعالى وأطعمها الناس، وكان بناه بالصخر والقار، وزخرف الحيطان، وزين المحراب بالجواهر واليواقيت، وعملوا شيئا عجيبا، ثم إنه قام على الصخرة وقال: اللهم، أنت أعطيتني هذا السلطان العظيم، وسخرت لي ما سخرت، فأوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وتوفني مسلما، وألحقني بالصالحين، اللهم إني أسألك لمن دخل هذا المسجد ليصلي فيه خمس خصال: إن كان مذنبا تغفر له ذنبه، وإن كان فقيرا أغنيته، وإن كان سقيما شفيته، وإن كان خائفا أمنته، وأسألك ألا تصرف بصرك عمن دخله حتى يخرج منه، إلا من دخله بإلحاد أو ظلم.
قوله تعالى: * (لقد كان لسبأ) أكثر أهل التفسير على أن سبأ اسم رجل، ونسبت القبيلة إليه، كما أن تميما اسم رجل، ونسبت القبيلة إليه. وروى فروة بن (مسيك الغطيفي) أن رسول الله قال: سبأ اسم رجل ولد عشرة من الذكور