تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٢٦
* (والله واسع عليم (32) وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم) * * لمن يطلب الغنى بغير النكاح، والله تعالى يقول: * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله). وعن بعضهم: أن الله تعالى وعد الغنى بالنكاح، ووعد الغنى بالتفرق، فقال في النكاح: * (يغنهم الله من فضله) أي: من الله، وقال في الفراق: * (وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته) ويقال: إن الغنى ها هنا هو الغنى بالقناعة، وقيل: باجتماع الرزقين، وقيل في قوله: * (ووجدك عائلا فأغنى) أي: بمال خديجة.
وقوله: * (والله واسع عليم) أي: واسع الغنى، عليم بأحوال العباد، وعن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أنه كان ينكح ويطلق كثيرا، ويقول: إنما أبتغي الغنى من النكاح والطلاق، ويتلو هاتين الآيتين، وقد ذكر بعضهم: أن الأيم كما ينطلق على المرأة ينطلق على الرجل، يقال: رجل أيم إذا لم يكن له زوجة، وامرأة أيم إذا لم يكن لها زوج، والشعر الذي أنشدنا دليل عليه، وفي الخبر: ' أن النبي نهى عن الأيمة ' أي: العزبة.
وعن القاسم بن محمد أنه قال: أمرنا بقتل الأيم أي: الحية. وقال بعضهم: * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين) أي: بالصالحين. وقوله: * (من عبادكم) أي: من رجالكم، ثم أمر من بعد بتزويج الإماء، والقول الأول الذي سبق أظهر.
قوله: * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا) أي: ليطلب العفة الذين لا يجدون ما لا ينكحون به.
وقوله: * (حتى يغنيهم الله من فضله) فيه معنيان: أحدهما: أن يجدوا مالا يقدرون به على النكاح، والآخر: أن يوفقهم الله للصبر عن النكاح، وعن عكرمة أنه قال: إذا رأى الرجل امرأة واشتهاها فإن كان له امرأة فليصبها، وإن لم يكن له امرأة فلينظر في ملكوت السماوات والأرض.
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»