تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٣٧
* (فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (40) ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه) * * وقرى الضيف، والوفاء بالعهد، وما أشبه ذلك، فذكر الله تعالى أن هذه الأعمال كسراب حين لم يصدر عن مؤمن، فهو يرجو منها الخير والثواب، وإذا وصل إليها أخلفه ظنه، ولم يحصل على شيء.
قوله تعالى: * (أو كظلمات في بحر لجي) قال أهل المعاني: المراد من الآية أنك إن شبهت أعمالهم لما يوجد، فهو كما بينا من السراب بالقيعة، وإن شبهت أعمالهم لما يرى، فهو كالظلمات في البحر اللجي، والبحر اللجي هو العميق الذي بعد عمقه، وفي الخبر: أن النبي قال: ' من ركب البحر حين يلج، فقد برئت منه الذمة '.
معناه: حين يتوسط البحر فيصير إلى أعمق موضع، وأما الظلمات: فهي ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة الموج أيضا.
وقوله: * (يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب) هذا هو الظلمات التي ذكرناها.
وقوله: * (ظلمات بعضها فوق بعض) معناه: ظلمة الموج على ظلمة البحر، وظلمة السحاب على ظلمة الموج.
وقوله: * (إذا أخرج يده لم يكد يراها) أي: لم يرها، وقيل: لم يقارب رؤيتها، ويقال: يكد هاهنا صلة. قال الشاعر:
(وما كادت إذا رفعت سناها * ليبصر ضوءها إلا البصير) وقوله: * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور). قال ابن عباس معناه: من لم
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»