* (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) * * وأمانة، وقال النخعي: وفاء وصدقا، وعن بعضهم: قدرة على كسب المال.
وقال الزجاج: لو أراد بالخير المال لقال: إن علمتم لهم خيرا، فلما قال: * (فيهم خيرا) دل أنه أراد به الوفاء والصدق.
وقوله: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) فيه أقوال: روى عبد الله بن بريدة عن أبيه أنه قال: هو حث الناس على معونة الكاتبين. فعلى هذا تتناول الآية المولى وغير المولى.
والقول الثاني: أن المراد منه سهم الرقاب، وقد جعل الله تعالى للمكاتبين سهما في الصدقات، والقول الثالث: هو أن قوله: * (وآتوهم) خطاب للموالي خاصة.
وقوله: * (من مال الله الذي آتاكم) هو بدل الكتابة، روي هذا عن عثمان وعلي والزبير، ثم اختلفوا فقال بعضهم: يعينه بمال الكتابة، وقال بعضهم: يحط عنه من مال الكتابة، وعن علي - رضي الله عنه - أنه يحط عنه الربع، وعن ابن عباس: أنه يحط عنه الثلث، وعن بعضهم: أنه يحط شيئا من غير تحديد، وهذا قول الشافعي، واختلفوا أنه على طريق الندب أم على طريق الإيجاب؟ فعند بعض الصحابة الذي ذكرنا أنه ندب، وعند بعضهم: أنه واجب، والوجوب أظهر.
وقوله: * (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) يعني: على الزنا. نزلت الآية في عبد الله بن أبي بن سلول وقوم من المنافقين، كانوا يكرهون إماءهم على الزنا طلبا للأجعال، فروي أن عبد الله بن أبي بن سلول كان له أمة يقال لها: مثلة، فأمرها بالزنا فجاءت ببرد، ثم أمرها بالزنا فأبت، وأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقوله: * (إن أردن تحصنا) أي: تعففا، فإن قيل: الآية تقتضي أنها إذا لم ترد التحصن يجوز إكراهها على الزنا؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أنه إنما ذكر قوله: * (إن أردن تحصنا) لأن الإكراه إنما يوجد في هذه الحالة، فإذا لم ترد التحصن بغت بالطوع.