تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٤١
* (مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر) * * روي أن ملك مصر لم يكن طاغيا ظالما، وإنما كان رجلا عفيفا في دينه، وإنما الطاغي الظالم كان فرعون موسى. وفي القصة: أن الملك مكث سنة لا يوليه ثم ولاه. وفي بعض الغرائب من الأخبار برواية أنس عن النبي: ' أن يوسف لو لم يطلب يوليه في الحال، ولكنه لما طلب أخر الملك سنة '. فإن قال قائل: أيجوز للإنسان أن يزكي نفسه وقد قال يوسف عليه السلام: ' إني حفيظ عليم '؟
قلنا: يجوز إذا كان في ذلك مصلحة عامة. وقيل: إنه يجوز (إذا عرف أنه) لا يلحقه بذلك آفة وأمن العجب على نفسه. وعن بعض الأئمة: لا يضر المدح من عرف نفسه. وقد قال عليه السلام: ' أنا سيد ولد آدم ولا فخر ' والخبر بطوله.
قوله تعالى: * (وكذلك مكنا) روي أن الملك ولاه ما طلب بعد سنة وتوجه بتاج مرصع بجواهر وأجلسه على سرير الذهب واعتزل الأمر كله، وفوض إليه، ودانت له الملوك وسمي بالعزيز. وفي القصة أيضا أن امرأة العزيز مات زوجها فزوجها الملك من يوسف - عليه السلام - وولدت له ولدين. وفي بعض الروايات: أنها وقفت على طريق يوسف عليه السلام ونادت: سبحان من جعل الملوك عبيدا بمعصيتهم، وجعل العبيد ملوكا بطاعتهم.
قوله تعالى: * ([مكنا]) ومعناه: ملكنا وبسطنا * (ليوسف في الأرض) يعني: أرض مصر * (يتبوأ منها حيث يشاء) أي: ينزل منها حيث يشاء * (نصيب
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»