* (مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (2)) * * (ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله) وقوله: * (كل مرضعة عما أرضعت) يعني: كل أم عن ولدها.
وقوله: * (وتضع كل ذات حمل حملها). فإن قال قائل: كيف تضع المرأة حملها يوم القيامة؟ الجواب: قلنا: أما على قولنا إن الزلزلة قبل قيام الساعة، فمعنى وضع الحمل على ظاهره، وإن قلنا إن الزلزلة عند قيام الساعة، فالجواب من وجهين: أحدهما: أن المراد من الآية النساء اللواتي متن وهن حبالى، والوجه الثاني، وهو الأصح: أن هذا على وجه تعظيم الأمر وذكر شدة الهول، لا على حقيقة وضع الحمل، والعرب تقول: أصابنا أمر يشيب فيه الوليد، وهذا على طريق عظم الأمر وشدته، وقد قال الله تعالى: * (يوما يجعل الوالدان شيبا) والمراد ما بينا.
وقوله: * (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) وقرئ: ' سكرى ' بغير الألف، والمعنى واحد، والذي عليه أهل التفسير: أن المراد من الآية سكرى من الفزع والخوف، وليسوا سكارى من الشراب وقالوا أيضا: في صورة السكارى، وليسوا بسكارى، والقول الأول أحسن؛ لأن الله تعالى قال: * (ولكن عذاب الله شديد).
وفي الآية خبر صحيح أورده البخاري وغيره، وهو ما رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري أن النبي قرأها بين الآيتين ثم قال: ' إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لآدم: قم يا آدم، فابعث من ذريتك بعث النار فيقول آدم: لبيك وسعديك، والخير في يديك، وما بعث النار؟ فيقول الله تعالى: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، [وواحد] إلى الجنة، فقال أصحاب رسول الله: وأينا ذلك الواحد؟ فقال النبي: ' سددوا وقاربوا وأبشروا، فإن معكم خليقتين ما كانتا مع قوم إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج وكفرة الجن والإنس من قبلكم '، وفي رواية