تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٤٠٢
* (الصابرين (85) وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين (86) وذا النون إذ ذهب) * * وفي الآية قول آخر: وهو أن ذا الكفل رجل كفل أن يصلي كل ليلة مائة ركعة إلى أن يقبضه الله، فوفي بذلك فسمي ذا الكفل، واختلف القول أنه كان نبيا أو لم يكن نبيا، قال بعضهم: كان نبيا، وقال بعضهم: كان عبدا صالحا، ولم يكن نبيا.
وقوله: * (كل من الصابرين) أي: على طاعتنا.
قوله تعالى: * (وأدخلناهم في رحمتنا). قال بعض أهل المعاني: إن قوله: * (وأدخلناهم في رحمتنا) أبلغ من قوله: ورحمناهم؛ لأن قوله: * (وأدخلناهم في رحمتنا) يقتضي أنهم غمروا بالرحمة، وقوله: ورحمناهم يقتضي أنه أصابهم رحمته.
وقوله: * (إنهم من الصالحين) ظاهر المعنى، والصلاح اسم يجمع جميع خصال الخير.
وقوله تعالى: * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا) النون: السمكة. قال الشاعر:
(يا حبذا القصر نعم القصر والوادي * وحبذا أهله من حاضر بادي) (ترقى قراقيره والوحش راتعة * والضب والنون والملاح والحادي) وقوله: * (إذ ذهب مغاضبا). قال الشعبي، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير: أي: مغاضبا لربه، وأما ابن عباس قال: أراد به مغاضبا لقومه، والقول الثالث: مغاضبا للملك الذي كان في زمانه.
وأما القول الأول فقد كرهه كثير من العلماء؛ لأن من غضب ربه فقد ارتكب كبيرة عظيمة، وذكر بعضهم: أن معنى غاضب ربه أي: أمر ربه، وسبب ذلك أنه وعد قومه أن العذاب يأتيكم يوم كذا، وخرج من بينهم، فلما كان ذلك اليوم، ورأى قوم يونس العذاب، خرجوا وضجوا إلى الله تعالى على ما ذكرنا في سورة يونس، فرد الله عنهم العذاب، فلما بلغ يونس أن العذاب لم ينزل على قومه غضب، فما كان غضبه، لا كراهة بحكم الله، ولكن كراهة أن يسمى كذابا، فهذا معنى هذا القول.
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»