تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٣١
* (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو) * * وقيل: مخذولا أي: متروكا من العصمة، والله تعالى إذا ترك العبد فقد أهلكه.
ومعنى قوله: * (فتقعد) أي: فتكون مأفوكا، وتبقى مخذولا.
قوله تعالى: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) قرأ عبد الله بن مسعود: ' ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه '، وقال الضحاك: كان في الأصل ' ووصى ' إلا أنه اتصل الواو بالصاد في الكتابة فقرىء: ' وقضى '. والمعروف هو قوله: * (وقضى). وعليه اتفاق القراء؛ ومعناه: وأمر ربك؛ وحقيقة القضاء هو إحكام الشيء وإمضاؤه على وجه الفراغ منه، ومنه قولهم: قضى القاضي بين الخصمين، ومنه قوله تعالى: * (ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) أي: أفرغوا ما في أنفسكم وامضوه، فعلى هذا معنى قوله: * (وقضى ربك) أي: حكم عليهم ربك حكم تعبد.
ومعنى الفراغ هاهنا: هو إتمام التعبد. وفي بعض التفاسير: أن رجلا أتى الحسن البصري وقال: إني طلقت امرأتي ثلاثا، فقال: عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، فقال الرجل: كذلك كان قضاء الله؟ فقال الحسن: كذبت، ما قضى الله. أي: ما أمر الله، وكان الحسن فصيحا فلم يفهم الناس قوله؛ فذكروا أنه ينكر القدر.
وفي بعض الروايات أنه قيل له: إن بني أمية يقتلون الناس، ويقولون: كذا قضاء الله، فقال الحسن: كذب أعداء الله؛ ومعناه ما بينا.
وقيل: إنه أنكر جعلهم ذلك علة لقتلهم، ذكره ابن قتيبة في المعارف.
وقوله: * (ألا تعبدوا إلا إياه) يعني: أن توحدوه ولا تشركوا به. وقوله: * (وبالوالدين إحسانا) أي: أمر أن تحسنوا بالوالدين إحسانا.
وقد ثبت عن النبي برواية ابن مسعود، أنه سأل رسول الله فقال: ' أي الذنوب أعظم؟ فقال: الإشراك بالله. قال: ثم أي؟ قال: عقوق الوالدين '.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»