تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٢
* (كل أولئك كان عنه مسؤولا (36) ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا (37) كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها (38) ذلك مما) * * والقول الثاني: أن السمع والبصر والفؤاد يسأل عما فعله المرء. فإن قيل: قد قال: * (كل أولئك كان عنه مسؤولا)، وأولئك لا يقال إلا للعقلاء؟ والجواب: قلنا: يجوز أن يقال لغير العقلاء. قال جرير:
(ذم المنازل بعد منزلة اللوى * والعيش بعد أولئك الأيام) قوله تعالى: * (ولا تمش في الأرض مرحا) المرح هو الفرح بالباطل، ويقال: هو الأشر والبطر، ويقال: هو البأو والعظمة، وقيل: الخيلاء.
وقوله: * (إنك لن تخرق الأرض) أي: لن تثقب الأرض، وقيل: لن تقطع الأرض بالسير.
وقوله: * (ولن تبلغ الجبال طولا) أي: لا يقدر أن يتطاول الجبال، وفي المعنى وجهان: أحدهما: أن الإنسان إذا مشى مختالا، فمرة يمشي على عقبيه، ومرة يمشي على صدور قدميه. فقال: لن تثقب الأرض إن مشيت على عقبيك، ولن تبلغ الجبال طولا إن مشيت على صدور قدميك.
والوجه الثاني: أن من أراد أن يخرق الأرض أو يطاول الجبال لا يحصل على شيء، فكذلك من مشى مختالا لا يحصل باختياله على شيء.
وقوله: * (كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها) قرى: ' سيئه ' وقوله: ' سيئة ' بالتنوين أي: كل ما نهيت عنه في هذه الآيات فهي سيئة مكروهة عند ربك، ومن قرأ ' سيئه ' بالرفع فمعناه على التبعيض؛ لأنه قد تقدم بعض ما ليس بسيئة مثل قوله: * (وآت ذا القربى حقه)، وكذلك قوله: * (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما) وغير ذلك. فمعناه أن ما تقدم في هذه الآيات من السيئة مكروهة عند ربك.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»