تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
* (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (29)) * * وقوله: * (فقل لهم قولا ميسورا) اليسر: ضد العسر، والميسور ها هنا هو العدة في قول أكثر المفسرين. وهو أن يقول: يأتينا شيء فنعطيه. وعن سفيان الثوري قال: عدة النبي دين، وقيل: القول الميسور هو أن تقول: يرزقنا الله وإياك، أو يقول: بارك الله فيك.
واعلم أن الآية خطاب مع النبي، وقد كان هؤلاء القوم يسألونه، وكان يكره الرد وليس عنده شيء يعطى، فجعل يمسك من القول، فأنزل الله تعالى هذه الآية * (فقل لهم قولا ميسورا).
قوله تعالى: * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) الآية. روى ابن مسعود: ' أن امرأة بعثت غلاما إلى رسول الله تسأله شيئا، فقال النبي: ليس عندي شيء، فرجع الغلام وذكر لها؛ فردت الغلام وقالت: سله قميصه الذي هو لابسه، فسأله فأعطاه ذلك، وبقي في البيت بلا قميص، فأنزل الله تعالى هذه الآية '.
وقوله: * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) أي: لا تبخل، والكلام على وجه التمثيل فجعل البخيل الممسك كمن يده مغلولة إلى عنقه.
وقوله: * (ولا تبسطها كل البسط) أي: لا تسرف في الإعطاء.
وقوله: * (فتقعد ملوما محسورا) والملوم: هو الذي أتى بما يلوم به نفسه ويلومه غيره، والمحسور هو المنقطع به الذي قد ذهب ماله، وبقي ذا حسرة، يقال: دابة حسير إذا أعيت من السير فقامت بالراكب. فمعنى الآية لا تحمل على نفسك كل الحمل في الإعطاء، فتصير بمنزلة من بلغت به النهاية في التعب والإعياء.
قال قتادة: محسورا أي: نادما. وأنشدوا في الدابة الحسير:
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»