(* (35) رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم (36) ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم) * * وقوله: * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) نسب الضلالة إليهن لما بينا من المعنى. وقوله: * (فمن تبعني فإنه مني) أي: من أهل ديني.
وقوله: * (ومن عصاني فإنك غفور رحيم) يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه قال هذا قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك.
والآخر: أن المراد من العصيان هو ما دون الشرك.
قوله تعالى: * (ربنا إني أسكنت) يعني: أنزلت. قوله تعالى: * (من ذريتي) الذرية هاهنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر.
وفي القصة: أنه حمل هاجر وإسماعيل وهو طفل يرضع، وكانوا ثلاثتهم على البراق، فجاء بهم إلى موضع البيت، وهي مدرة حمراء، فقال له جبريل: هاهنا أمرت. فأنزل إسماعيل وأمه في موضع الحجر، ومضى راجعا إلى الشام، فنادته هاجر، يا خليل الله، إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله تعالى. قالت: قد قبلنا ذلك، والقصة في هذا معروفة.
وقوله: * (بواد غير ذي زرع) قال هذا لأن مكة بين جبلين، وهي واد.
وقوله: * (عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة) سماه محرما؛ لأنه يحرم عنده ما لا يحرم عند غيره.
وقوله: * (فاجعل أفئدة من الناس) الأفئدة جمع الفؤاد، قال ابن عباس: لو قال ' أفئدة الناس ' لزاحمتكم [فارس] والروم، وفي رواية: الترك والديلم، وفي رواية عن غيره: لحجت اليهود والنصارى والمجوس.
وقوله: * (تهوي إليهم) أي: تحن إليهم، قال السدي معناه: أمل قلوبهم إلى هذا