(* (33) وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار (34) وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * * وإن لم يعطه على التعيين؛ فاستقام الكلام على هذا، وقيل معناه: من كل ما سألتموه، ولم تسألوه. وأما القراءة الثانية، فمعنى ' ما ' هو النفي، ومعناه: أعطاكم أشياء لم تسألوها، فإن الله تعالى أعطانا الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والرياح، وما أشبه ذلك ولم نسأله شيئا منها.
وقوله: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) قال أبو العالية: معناه: لا تطيقوا عدها، وقيل: لا تطيقون شكرها.
وقوله: * (إن الإنسان لظلوم كفار) يعني: ظالم لنفسه كافر بربه، ويقال: إن هذه الآية نزلت في أبي جهل خاصة، ويقال: إنها نزلت في جنس الكفار، ويجوز أن يذكر الإنسان ويراد به جنس الناس، قال الله تعالى: * (والعصر إن الإنسان لفي خسر) وقيل: [الظالم] هو الذي يشكر غير من أنعم عليه، والكافر هو الذي يجحد منعمه.
قوله: * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) أجمعوا أن البلد هو مكة، وقوله: * (آمنا) أي: ذا أمن.
وقوله: * (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) معناه: بعدني وبني من عبادة الأصنام، فإن قال قائل: قد كان إبراهيم معصوما عن عبادة الأصنام، فكيف يستقيم سؤاله لنفسه، وقد عبد كثير من بنيه الأصنام، فأين الإجابة؟
الجواب: أما في حق إبراهيم، فالدعاء لزيادة العصمة والتثبيت، وأما في حق البنين فيقال: إن الدعاء لبنيه من الصلب، ولم يعبد أحد منهم الصنم، وقيل: إن دعاءه لمن كان مؤمنا من بنيه.