تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
* (ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد (16) يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من) * * وقوله: * (وخاب كل جبار عنيد) وخاب أي: خسر، وقيل: وهلك كل جبار. والجبار هو الذي لا يرى فوقه أحد، والجبرية طلب العلو بما لا غاية وراءه، وهو وصف لا يصح إلا لله، وأما في وصف الخلق فهو مذموم، وقيل: الجبار هو الذي يجبر الخلق على مراده. وأما العنيد: هو المعاند للحق.
قوله تعالى: * (من ورائه جهنم) الأكثرون معناه: من أمامه جهنم. قال الشاعر:
(ومن ورائك يوم أنت بالغه * لا حاضر معجز عنه ولا باد) يعني: من أمامك، وقال أبو عبيدة: قوله: * (ومن ورائه جهنم) يعني: من بعده جهنم. وقوله: * (ويسقى من ماء صديد) معناه: من ماء هو صديد. والصديد ما يسيل من الكفار من القيح والدم، والأصل في الصديد هو الماء الذي يخرج من الجرح مختلطا بالدم والقيح، وقيل: من ماء صديد أي: من ماء كالصديد.
وقوله: * (يتجرعه) أي: يشربه جرعة جرعة من مرارته وشدته. وفي الحديث أن النبي قال: ' إذا أدناه من وجهه شوى وجهه وسقطت فروة رأسه، وإذا شربه تقطعت أمعاؤه، وخرجت الأمعاء من دبره '.
وقوله: * (ولا يكاد يسيغه) يعني: لا يسيغه، وقيل معناه: يكاد لا يسيغه، ويسيغه؛ ليغلي في جوفه. وقوله: * (ويأتيه الموت من كل مكان) قال إبراهيم التيمي: من كل شعرة من جسده، وقيل: يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه، ومن فوقه ومن تحته، وعن يمينه وعن شماله.
وقوله: * (وما هو بميت) يعني: عليه شدة الموت ولا يموت، وهو في معنى قوله
(١٠٩)
مفاتيح البحث: الموت (5)، الخسران (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»