* (وإنا له لحافظون (9) ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين (10) وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون (11) كذلك نسلكه في قلوب المجرمين (12) لا) * * الملائكة عيانا، فأجابهم الله تعالى بهذا، ومعناه: أنهم لو نزلوا عيانا زال الإمهال عن الكفار وعذبوا في الحال.
قوله تعالى: * (إنا نحن نزلنا الذكر) يعني: القرآن * (وإنا له لحافظون) فيه قولان: أحدهما: أنا نحفظ محمدا، والآخر: أنا نحفظ القرآن، وهو الأليق بظاهر اللفظ، ومعنى حفظ القرآن أنه يمنع من الزيادة فيه أو النقصان عنه، قال الله تعالى * (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) والباطل هو إبليس، ومعناه: أن إبليس لا يقدر أن يزيد فيه ما ليس منه، ولا أن ينقص عنه ما هو منه.
قوله تعالى: * (ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين) الشيعة: هم القوم المجتمعة المتفقة كلمتهم، ومعناه هاهنا: في أمم الأولين.
وقوله: * (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) هذا تسلية للنبي، ومعناه: أنهم كما استهزءوا بك فقد استهزىء بالأنبياء من قبلك.
وقوله تعالى: * (كذلك نسلكه في قلوب المجرمين) قال الحسن: كذلك نسلك الشرك في قلوب المجرمين، ونسلك، أي: ندخل، وقال مجاهد: نسلك التكذيب، ومعنى كاف التشبيه، أي: كما فعلنا بالكفار من قبل هؤلاء، كذلك نفعل بهؤلاء الكفار. وقد قال بعضهم: إن معنى قوله: * (كذلك نسلكه) أي: نسلك القرآن، ومعناه: أنه لما أعطاهم ما يفهمون به القرآن، فكأنه سلك القرآن في قلوبهم. والمنقول عن السلف هو القول الأول، وهو رد على القدرية صريحا.
وقوله: * (لا يؤمنون به) يعني بالنبي والقرآن. * (وقد خلت سنة الأولين) أي: مضت سنة الأولين، وسنة الأولين: هو الإهلاك عند تكذيب الأنبياء.