تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٥٠
* (بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم) * * شفا جرف) الشفا: هو الحرف والحد، والجرف: هو ما تجرف من السيل، أي: تقطع من السيل، فصار لرخاوته لا يثبت عليه بناء. قوله: * (هار) معناه: هائر، والهائر: الساقط * (فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) معناه معلوم.
واعلم أن المراد من الآية: هو التمثيل والتشبيه في قلة الثبات والقرار وسوء العاقبة. واختلفوا في الذي كانت عاقبة مسجد الضرار؛ فالأكثرون على أن النبي دعا مالك بن الدخشم، وعاصم بن عدي، وأمرهما أن يهدما ذلك المسجد ويحرقاه ففعلا ذلك.
والقول الآخر: أن ذلك المسجد انهار بنفسه من غير أن يمسه أحد. وفي بعض التفاسير أنه خسف به. وروي أنه لما خسف به سطع منه دخان في السماء، والله أعلم.
قوله تعالى: * (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم) يعني: شكا واضطرابا في قلوبهم. وقال السدى: حرازة في قلوبهم. وقوله: * (إلا أن تقطع قلوبهم) فيه قولان:
أحدهما: حتى يموتوا. وقرئ في الشاذ: ' إلى أن تقطع قلوبهم '.
والقول الثاني: حتى يتوبوا، فجعل الندامة في القلب بمنزلة تقطع في القلب.
* (والله عليم حكيم) عليم بخلقه، حكيم في تدبيره.
قوله تعالى: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) معنى الآية: أن الله تعالى أمر (المسلمين) بأن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وجعل لهم الجنة ثوابا عليه، فجعل هذا بمنزلة الشراء والبيع.
قوله: * (يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا) معناه: أن ثواب الجنة وعد حق. ثم قال: * (في التوراة والإنجيل والقرآن) وهذا دليل على أن أهل
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»