تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
* (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم (114)) * * الجواب عنه: قال بعض أهل المعاني: يحتمل أن أبا إبراهيم كان أظهر الإسلام وهو يبطن الكفر، فاستغفر له إبراهيم لإظهاره الإسلام * (فلما تبين له أنه عدو لله) مصر على الكفر في الباطن * (تبرأ منه) هكذا قاله بعض أهل المعاني.
والذي عليه عامة المفسرين ما بينا من قبل.
وقد قرأ الحسن البصري: ' إلا عن موعدة وعدها إياه ' وهذا صريح في أن الوعد كان من إبراهيم، والدليل على أن إبراهيم استغفر له وهو مشرك: أن الله تعالى قال في سورة الممتحنة: * (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه..) إلى أن قال: * (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) فقد صرح أن إبراهيم ليس بقدوة في هذا الاستغفار؛ وإنما استغفر له وهو مشرك لمكان الوعد؛ رجاء أن يسلم.
وقوله: * (إن إبراهيم لأواه حليم) اختلفوا في ' الأواه ' على أقاويل.
روي عن عبد الله بن مسعود. وعبد الله بن عباس: أن الأواه: هو الدعاء. وعن ابن مسعود في رواية أخرى: أنه الرحيم، وعن ابن عباس في رواية أخرى: أنه المؤمن التواب، وعن مجاهد أنه الفقيه، وعن كعب الأحبار: أنه الذي يتأوه من الذنوب، فيقول: أوه أوه. وروى أبو ذر ' أن رجلا كان يطوف ويقول: أوه أوه، فقلت للنبي: إن هذا الرجل ليؤذينا، فقال: لا تقل هذا؛ فإنه أواه '. قال الشاعر:
(إذا ما قمت أرحلها بليل * تأوه آهة الرجل الحزين) وعن سعيد بن جبير قال الأواه: المسبح. وقيل: إنه الموقف. وقيل: إنه الموقن.
وأما الحليم: فهو: الصفوح عن الذنوب.
قوله تعالى: * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) معناه: ما كان الله ليحكم بالضلالة بترك الأوامر * (حتى يبين لهم ما يتقون) فيتركوا.
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»