تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٥
* (يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (179) ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون (180) وممن خلقنا أمة يهدون بالحق) * * والأول أصح، وأقرب إلى مذهب أهل السنة، وقوله: * (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها) ومعناه: أنهم لما لم يفقهوا بقلوبهم ما انتفعوا به، ولم يبصروا بأعينهم، ولم يسمعوا بآذانهم؛ ما انتفعوا به؛ فكأنهم لا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون شيئا، وهذا كما قال مسكين الداري:
(أعمى إذا ما جارتي برزت * حتى توارى جارتي الخدر) (أصم عما كان بينهما سمعي * وما بالسمع من وقر) * (أولئك كالأنعام) يعني: في أن همتهم من الدنيا الأكل والتمتع بالشهوات * (بل هم أضل) وذلك أن الأنعام تميز بين المضار والمنافع، وأولئك لا يميزون ما يضرهم عما ينفعهم * (أولئك هم الغافلون).
قوله تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) الأسماء الحسنى هي ما وردت في الخبر، روى أبو هريرة عن النبي أنه قال: ' إن لله تسعة وتسعين اسما - مائة غير واحد - من أحصاها دخل الجنة '، وقوله: * (الحسنى) يرجع إلى التسميات، وقوله * (فادعوه بها) وذلك بأن يقول: يا عزيز، يا رحمن، ونحو هذا، واعلم أن أسماء الله تعالى على التوقيف؛ فإنه يسمى جوادا ولا يسمى سخيا، وإن كان في معنى الجواد، ويسمى رحيما ولا يسمى رقيقا، ويسمى عالما ولا يسمى عاقلا، وعلى هذا لا يقال: يا خادع، يا مكار، وإن ورد في القرآن (* (يخادعون الله وهو خادعهم) * ويمكرون ويمكر الله) لكن لما لم يرد الشرع بتسميته به لم يجز ذلك له.
* (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) قال يعقوب بن السكيت صاحب الإصلاح:
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»