* (صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون (190) أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون (191) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون (192) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (193) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) * * ابتداء كلام بعد الأول، وأراد به: إشراك أهل مكة، ولئن أراد به الإشراك الذي سبق استقام الكلام؛ لأنه كان الأولى ألا يفعل ما أتى به من الإشراك في الاسم، وكان ذلك زلة منه، فلذلك قال: * (فتعالى الله عما يشركون) وفي الآية قول آخر: أن هذا في جميع بني آدم. قال عكرمة: وكأن الله يخاطب به كل واحد من الخلق بقوله: * (هو الذي خلقكم من نفس واحدة) يعني: خلق كل واحد من أبيه * (وجعل منها زوجها) أي: جعل من جنسها زوجها * (ليسكن إليها) يعني: كل زوج إلى زوجته * (فلما تغشاها) أي: وطئها * (حملت حملا خفيفا فمرت به) وهذا قول حسن في الآية.
وقيل: إنما عبر بآدم وحواء عن جميع أولادهما؛ لأنهما أصل الكل، والأول أشهر وأظهر، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير. وجماعة المفسرين كلهم قالوا: إن الآية في آدم وحواء كما بينا.
قوله تعالى: * (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) يعني: الأصنام لا يخلقون شيئا بل هم مخلوقون * (ولا يستطيعون لهم نصرا) أي: منعا * (ولا أنفسهم ينصرون).
قوله تعالى: * (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم) هذا في قوم مخصوصين علم الله أنهم لا يؤمنون * (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون) أي: سواء دعوتموهم أو لم تدعوهم لا يؤمنون) قوله تعالى: * (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم). فإن قال قائل: كيف تكون الأصنام عبادا أمثالنا؟ قيل: قال مقاتل: أراد به الملائكة. والخطاب مع قوم كانوا