ومن لم يعدهن فلأمرين أيضا أحدهما كونهن غير مشبهات لما بعدهن من الآي في القدر والطول من حيث كانت كل كلمة منهن صورة منفردة لا يختلط بها شيء ولا يتصل بها كلام ففارقن بذلك سائر الآي في كونهن جملة كلم وعدة صور والثاني كون ما بعدهن متعلقا بهن من حيث قيل إنهن أقسام وتنبيه وإن معناهن يا محمد ويا رجل ففائدتهن فيما بعدهن وإذا كن كذلك لم يكن رؤوس آي وكذا القول عندنا في جميع ما يختلف العادون في عده وإسقاطه من الآي أن من عد شيئا فلكونه جملة مستقلة وكلاما تاما منقطعا أو لكونه محمولا على ما قبله أو ما بعده من رؤوس الآي من طريق التشاكل بوقوع الحروف التي رؤوس الآي مبنية عليها قبل الحرف الذي آخر الكلمة التي هي الفاصلة وسواء قل ذلك أو كثر أو لأن مثله ونظيره قد عد بإجماع ومن لم يعد ذلك فلكونه كلاما متصلا بما بعده ومتعلقا به على ما يحتمله من توجيه المعنى وتقدير الإعراب أو لكونه مخالفا لما قبله أو لما بعده من رؤوس الآي غير مشبه ولا مساو ولا مشاكل له في زنة ولا بنية ولأن مثله ونظيره لم يعد باتفاق ولنذكر من ذلك نبذة تدل على سائره وتغني عن إيراد كله من ذلك أن من عد في البقرة (* (ولهم عذاب أليم) *) فلمشاكلته ما قبله من قوله (* (ولهم عذاب عظيم) *) ومن لم يعده فلاتصاله بما بعده من قوله (* (بما كانوا يكذبون) *) وكونه وما بعده كلاما واحدا ولأن الكل لم يعد الحرف الذي عند رأس التسعين من آل عمران وهو مثله ومن عد (* (إنما نحن مصلحون) *) فللتشاكل الذي بينه وبين ما قبله وما بعده
(١١٤)