تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٣
الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقاري، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق، حتى بلغ، ما لم يعلم).
فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: (يا خديجة مالي؟) وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت علي؟ قالت له: كلا ابشر، فوالله لا يحزنك الله، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي، وهو ابن عم خديجة، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة بن نوفل: يا بن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أومخرجي هم؟)، فقال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة ان توفي وفتر الوحي فترة، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منها تبدى له جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن بذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا بمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبرائيل فقال له مثل ذلك.
قال الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: (فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فجثيت منه رعبا، فرجعت فقلت: زملوني، زملوني، فدثروني) وأنزل الله سبحانه " * (يا أيها المدثر) *) إلى قوله سبحانه " * (والرجز فاهجر) *). قبل: أن تفرض للصلاة، وهي الأوثان، ثم كان ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن بعد اقرأ والمدثر، " * (ن والقلم) *) إلى قوله: " * (وإنك لعلى خلق عظيم) *)، ثم " * (والضحى) *)) .
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»