تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٠
" * (وهذا البلد الأمين) *) الآمن، يعني مكة، وأنشد الفراء:
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني حلفت يمينا لا أخون أميني يريد آمني.
" * (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) *) أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل شي منكبا على وجهه إلا الإنسان. وقال أبو بكر بن ظاهر: مزينا بالعقل، مؤدبا بالأمر، مهذبا بالتمييز، مديد القامة، يتناول مأكوله بيده.
" * (ثم رددناه أسفل سافلين) *) يعني إلى أرذل العمر، ينقص عمره ويضعف بدنه ويذهب عقله.
قال ابن عباس: (إن) نفرا ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذرهم وأخبر أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم.
قال عكرمة: لم يضر هذا الشيخ الهرم كبره إذا ختم الله تعالى له بأحسن ما كان يعمل. قال أهل المعاني: السافلون: الضعفى والهرمى والزمنى، فقوله (أسفل سافلين) نكرة تعم الجنس، كما تقول: فلان أكرم قائم، فإذا عرفت قلت: القائمين.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران قال: حدثنا جعفر بن محمد الفراي قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا خالد الزيات قال: حدثنا داود أبو سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنة كتبت لوالديه، فإن عمل سيئة لم تكتب عليه، ولا على والديه، فإذا بلغ الحنث وجرى عليه القلم، أمر الله الملكين اللذين معه يحفظانه ويسددانه، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام آمنه الله سبحانه من البلايا الثلاث: من الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين خفف الله حسابه، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه فيما يحب، فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين كتب الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفعه في أهل بيته، وكان اسمه أسير الله في الأرض، فإذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا، كتب الله سبحانه له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير، وإن عمل سيئة لم تكتب عليه).
وقال الحسن ومجاهد وقتادة: يعني ثم رددناه إلى النار. وقال أبو العالية: يعني إلى النار في شر صورة، في صورة خنزير
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»