عليهم ولا هم يحزنون) *)، وانما فعل ذلك كذلك في هذا الموضع استغناء بدلالة آخر الكلام على معناه من إعادتها مرة واحدة، وذلك أنه فسر اقتحام العقبة بأشياء فقال: " * (فك رقبة) *) الآية، فكأنه قال في أول الكلام فلا فعل ذا ولا ذا ولا ذا.
وقال بعضهم: معنى الكلام الاستفهام، تقديره أفلا اقتحم العقبة، وإليه ذهب ابن زيد وجماعة من المفسرين، يقول: فهلا أنفق ماله في فك الرقاب وإطعام السغبان ليتجاوز بها العقبة ويكون خيرا له من إنفاقه على عداوة محمد، ويقال: إنه شبه عظم الذنب وثقلها على مرتكبها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وعمل صالحا كان مثله مثل من اقتحم تلك العقبة، وهي الذنوب حتى تذهب وتذوب، كمن يقتحم عقبة فيستوي عليها ونحوها.
وذكر عن ابن عمران: أن هذه العقبة جبل في جهنم، وقال كعب: هي سبعون دركة في جهنم، وقال الحسن وقتادة: هي عقبة شديدة في النار دون الجسر فاقتحموها بطاعة الله سبحانه، وقال مجاهد والضحاك والكلبي: هي الصراط يضرب على جهنم كحد السيف مسيرة ثلاثة آلاف سهلا وصعودا وهبوطا، وأن لجنبتيه كلاليب وخطاطيف كأنها شوك السعدان، فناج مسلم وناج مخدوس ومكردس في النار منكوس، فمن الناس من يمر عليه كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر عليه كالريح العاصف، ومنهم من يمر عليه كالفارس، ومنهم من يمر عليه كالرجل يسير، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم الزالون والزالات، ومنهم من يكردس في النار، واقتحامه على المؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء.
وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله سبحانه يقول: إن المعتق والمطعم تقاحم نفسه وشيطانه مثل من يتلكف صعود العقبة، وقال ابن زيد يقول: فهلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير ثم بين ما هي فقال:
" * (وما أدراك ما العقبة) *) قال سفيان بن عينية: كل شيء قال: " * (وما أدراك) *) فإنه أخبره به، وما قال: (وما يدريك) فإنه لم يخبر به.
" * (فك رقبة) *) فمن أعتق رقبة كان فداه من النار، قرأ أبو رجاء والحسن وابن كثير وأبو عمرو والكسائي بنصب الكاف والميم على الفعل كقوله: ثم كان، وقرأ غيرهم بالإضافة على الاسم واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم لأنه تفسير لقوله (وما أدراك)، ثم أخبر ما هي فقال: * (فك رقبة) * * (أو إطعام في يوم ذي مسغبة) *) مجاعة.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا عبيد الله بن أبي سمرة قال: حدثنا محمد بن عبد الله المستعيني قال: حدثنا علي بن الحسين البصري قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا جرير بن حازم