وقال عكرمة والسدي: عاملة في الدنيا بالمعاصي، ناصبة في النار يوم القيامة، وقال سعيد ابن جبير وزيد بن أسلم: هم الرهبان وأصحاب الصوامع، وهي رواية أبي الضحى عن ابن عباس.
" * (تصلى نارا حامية) *) قال ابن مسعود: تخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.
قراءة العامة بفتح التاء، وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر بضمها اعتبارا بقوله: " * (تسقى من عين آنية) *) حارة. قال قتادة: قد أتى طبخها منذ خلق الله السماوات والأرض.
" * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) *) قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطي بالأرض تسميه فرش الشرق، فإذا هاج سموه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أما في الدنيا فإن الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.
وقال الكلبي: لا تقربه دابة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عباس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسميه أهل اليمن الضريع، وقد روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار) سماه النبي ضريعا، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئا، إلا أنه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلون ويتضرعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرع.
وقال أبو الدرداء والحسن: يقبح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم القبيح في الدنيا، ويحسن وجوه أهل الجنة يشبهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأن الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بالضريع ويستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة، ثم يسقون من عين آنية لا هنية ولا مرية، فكلما أدنوه من وجوههم سلخ جلود وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها، فذلك قوله سبحانه: " * (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) *).
قال المفسرون: فلما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: " * (لا يسمن ولا يغني من جوع) *) ويقول: فإن الإبل ترعاه ما دام رطبا، فإذا يبس فلا يأكله شيء ورطبه يسمى شبرقا لا ضريعا