تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ١٨٤
" * (فجعله غثاء) *) هشيما باليا، " * (أحوى) *) أسود إذا هاج وعتق. " * (سنقرئك) *): سنعلمك ويقرأ عليك جبريل، " * (فلا تنسى إلا ما شاء الله) *) أن تنساه وهو ما ننسخه من القرآن، وهذا معنى قول قتادة، وقال مجاهد والكلبي: كان النبي (عليه السلام) إذا نزل جبريل بالقرآن لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوله مخافة أن ينساها فأنزل الله تعالى: " * (سنقرئك فلا تنسى) *) فلم ينس بعد ذلك شيئا، ووجه الاستثناء على هذا التأويل ما قاله الفراء: لم يشأ أن ينسى شيئا، وهو كقوله سبحانه: " * (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) *)، وأنت تقول في الكلام لأعطينك كل ما سألت إلا ما شاء أن أمنعك والنية أن لا تمنعه، وعلى هذا مجاري الأيمان يستثنى فيها ونية الحالف النمام.
وسمعت محمد بن الحسن السلمي يقول: سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول: سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني يقول: كان يغشي الجنيد في مجلسه أهل النسك من أهل العلوم وكان أحد من يغشاه ابن كيسان النحوي، وكان في وقته رجلا جليلا فقال له يوما: يا أبا القاسم ما تقول في قوله سبحانه: " * (سنقرئك فلا تنسى) *) فأجابه مسرعا كأنه تقدم له السؤال قبل ذلك بأوقات: لا تنسى العمل به، فأعجب ابن كيسان به إعجابا شديدا وقال: لا يفضض الله فاك مثلك من يصدر عن رأيه.
" * (إنه يعلم الجهر) *) من القول والفعل " * (وما يخفى) *): قال محمد بن حامد: يعلم إعلان الصدقة واخفاءها. " * (ونيسرك لليسرى) *) لعمل الجنة، وقيل: هو متصل بالكلام الأول معناه: نعلم الجهر مما تقرأه يا محمد على جبريل إذا فرغ من التلاوة عليك، وما يخفى ما تقرأه في نفسك مخافة ان تنساه. ثم وعده فقال: " * (ونيسرك لليسرى) *) أي يهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعلمه وتعمل به، وقيل: ويوفقك للشريعة اليسرى، وهي الحنفية السمحة.
" * (فذكر) *) عظ بالقرآن " * (إن نفعت الذكرى) *) التذكر " * (سيذكر) *) سيتعظ " * (من يخشى) *) الله سبحانه " * (ويتجنيها) *) يعني ويتجنب التذكرة ويتباعد عنها. " * (الأشقى) *) الشقي في علم الله سبحانه. " * (الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها) *) فيستريح " * (ولا يحيى) *) أي حياة تنفعه.
وسمعت السلمي يقول: سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطا: لا يحيى فيستريح عن القطيعة ولا يحيا فيصل إلى روح الوصلة.
(* (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحيواة الدنيا * والاخرة خير وأبقى *
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»