تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٣
واختلف القراء في قوله: " * (يفصل بينكم) *) فقرأ عاصم ويعقوب وأبو حاتم بفتح الياء وكسر الصاد مخففا، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الياء وكسر الصاد مشددا، وقرأ ابن عامر والأعرج بضم الياء وفتح الصاد وتشديده، وقرأ طلحة والنخعي بالنون وكسر الصاد والتشديد، وقرأ أبو حيوة يفصل من أفصل يفصل، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الصاد مخففا من الفصل.
" * (والله بما تعملون بصير) *) أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الدين النصيحة) ثلاثا، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
" * (قد كانت لكم أسوة) *) قدوة " * (حسنة في إبراهيم) *) خليل الرحمن " * (والذين معه) *) من أهل الإيمان " * (إذ قالوا لقومهم) *) المشركين " * ( أنا براء منكم) *) جمع بريء، وقراءة العامة على وزن فعلا غير مجز، وقرأ عيسى بن عمر " * (براء) *) بكسر الباء، على وزن فعال مثل قصير وقصار وطويل وطوال " * (ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم) *) أي جحدنا بكم وأنكرنا دينكم " * (وبدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم) *) يعني قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره إلا في قوله: " * (لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء) *) أن عصيته نهوا أن يتأسوا في هذه خاصة بإبراهيم فيستغفروا للمشركين، ثم بين عذره في سورة التوبة.
وفي هذه الآية دلالة بينة على تفضيل نبينا وذلك أنه حين أمر بالاقتداء به أمر على الإطلاق ولم يستثن فقال: " * (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) *) وحين أمر بالاقتداء بإبراهيم استثنى.
" * (ربنا عليك توكلنا) *) (هذا قول) إبراهيم ومن معه من المؤمنين.
" * (وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم) *) يعني في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء " * (أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فان الله هو الغني الحميد) *) فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين في الله وأظهروا لهم العداوة والبراءة فعلم سبحانه شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله سبحانه: " * (عسى الله أن يجعل بينكم) *) أيها المؤمنون " * (وبين الذين عاديتم منهم) *) من مشركي مكة " * (مودة والله قدير والله غفور رحيم) *) يفعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وإخوانا وخالطوهم وناكحوهم وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»