فقال: يا مولاي، أخبرني، فلعل الله سبحانه يسهل لك الفرج على يدي، فأخبره بذلك فقال له: عد إلى الأمير وقل له: إن لي غلاما أسود إن أذنت له فسر لك هذه الآية، ففعل ذلك ودعا الأمير الغلام وسأله عن ذلك فقال: أيها الأمير شأن الله هو انه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت، ويشفي سقيما، ويسقم سليما، ويبتلي معافى، ويعافي مبتلى، ويعز ذليلا، ويذل عزيزا، ويفقر غنيا ويغني فقيرا. فقال الأمير: أحسنت يا غلام، قد فرجت عني. ثم أمر الوزير بخلع ثياب الوزارة وكساها الغلام، فقال: يا مولاي، هذا شأن الله عز وجل.
" * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) *)) .
* (سنفرغ لكم أيها الثقلان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فإذا انشقت السمآء فكانت وردة كالدهان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *) 2 " * (سنفرغ لكم) *) قرأ عبد الله وأبي (سنفرغ إليكم)، وقرأ الأعمش بضم الياء وفتح الراء على غير تسمية، وقرأ الأعرج بفتح النون والراء. قال الكسائي: هي لغة تميم، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الياء وفتح الراء، واختاره أبو عبيد اعتبارا بقوله: " * (يسأله من في السماوات والأرض) *) فاتبع الخبر الخبر، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الراء، واختاره أبو حاتم.
فإن قيل: إن الفراغ لا يكون إلا عن شغل والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن. قلنا: اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال قوم: هذا وعيد وتهديد من الله سبحانه وتعالى لهم كقول القائل: لأتفرغن لك وما به شغل، وهذا قول ابن عباس والضحاك، وقال آخرون: معناه سنقصدكم بعد الترك والإمهال ونأخذ في أمركم، وقد يقول القائل للذي لا شغل له: قد فرغت لي وفرغت لشتمي، أي أخذت فيه وأقبلت عليه. قال جرير بن الخطفي:
ولما التقى القين العراقي بأسته فرغت إلى القين المقيد بالحجل أي قصدته بما يسوؤه، وهذا القول اختيار الفندي والكسائي.
وقال بعضهم: إن الله سبحانه وعد على التقوى وأوعد على الفجور، ثم قال: سنفرغ لكم مما أوعدناكم وأخبرناكم فنحاسبكم ونجازيكم، وننجز لكم ما وعدناكم، ونوصل كلا إلى ما عدناه، فيتم ذلك ويفرغ منه، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل وابن زيد، وقال ابن كيسان: الفراغ