تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٩٠
عطية: إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين، وقيل: إنهما تجريان من جبل من مسك، وقال أبو بكر محمد بن عمر الوراق: فيهما عينان تجريان لمن كانت له في الدنيا عينان تجريان بالبكاء.
" * (فبأي آلاء ربكما تكذبان فيهما من كل فاكهة زوجان) *) صنفان.
قال ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حلوة أو مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل إلا أنه حلو.
" * (فبأي آلاء ربكما تكذبان متكئين) *) حال " * (على فرش) *) جمع فراش " * (بطائنها) *) جمع بطانة " * (من إستبرق) *) وهو ما غلظ من الديباج وحسن، وقيل: هو أستبر معرب.
قال ابن مسعود وأبو هريرة: هذه البطائن فما ظنكم بالظهائر؟، وقيل لسعيد بن جبير: البطائن من إستبرق فما الظواهر؟ قال: هذا مما قال الله سبحانه: " * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) *).
وعنه أيضا قال: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد، وقال الفراء: أراد بالبطائن الظواهر.
قال المؤرخ: هو بلغة القبط، وقد تكون البطانة ظهارة والظهارة بطانة؛ لأن كل واحد منهما يكون وجها، تقول العرب: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء للذي يراه، وقال عبد الله ابن الزبير في قتلة عثمان: قتلهم الله شر قتلة، ونجا من نجا منهم تحت بطون الكواكب، يعني هربوا ليلا، فجعل ظهور الكواكب بطونا.
قال القتيبي: هذا من عجيب التفسير، وكيف تكون البطانة ظهارة، والظهارة بطانة؟ والبطانة من بطن من الثوب، وكان من شأن الناس إخفاؤه، والظهارة ما ظهر منه، ومن شأن الناس إبداؤه، وهل يجوز لأحد ان يقول لوجه المصلي: هذا بطانته، ولما ولي الأرض: هذا ظهارته، لا والله لا يجوز هذا، وانما أراد الله سبحانه وتعالى ان يعرفنا لطفه من حيث يعلم فضل هذه الفرش، وأن ما ولي الأرض منها إستبرق، وإذا كانت البطانة كذلك فالظهارة أعلى وأشرف، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه الحلة). فذكر المناديل دون غيرها؛ لأنها أحسن ويصدق قول القتيبي ما حكيناه عن ابن مسعود وأبي هريرة، والله أعلم.
" * (وجنا الجنتين) *) ثمرهما " * (دان) *) قريب يناله القائم والقاعد والنائم " * (فبأي آلاء ربكما
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»