للفعل هو التوفر عليه دون غيره. " * (أيها الثقلان) *) أي الجن والإنس، دليله قوله في عقبه " * (يا معشر الجن والإنس) *) سميا ثقلين؛ لأنهما ثقل أحياء وأمواتا، قال الله سبحانه: " * (وأخرجت الأرض أثقالها) *) وقال بعض أهل المعاني: كل شيء له قدر ينافس فيه فهو ثقل، ومنه قيل لبيض النعام: ثقل؛ لأن واجده وصائده يفرح إذا ظفر به قال الشاعر:
فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما، وقال جعفر الصادق: سمي الجن والإنس ثقلين؛ لأنهما مثقلان بالذنوب.
" * (فبأي آلاء ربكما تكذبان يا معشر الجن والإنس إن استطعتم) *) ولم يقل: استطعتما؛ لأنهما فريقان في حال جمع كقوله سبحانه: " * (فإذا هم فريقان يختصمون) *) وقوله سبحانه: " * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *).
" * (أن تنفذوا) *) تجوزوا " * (من أقطار السماوات والأرض) *) أي أطرافها " * (فانفذوا) *) ومعنى الآية إن استطعتم ان تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا، وانما يقال لهم هذا يوم القيامة، وقال الضحاك: يعني هاربين من الموت، فأخبر أنه لا يجيرهم من الموت ولا محيص لهم منه، ولو نفذوا من أقطار السماوات والأرض كانوا في سلطان الله عز وجل وملكه، وقال ابن عباس: يعني: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا، ولن تعلموه إلا بسلطان يعني البينة من الله سبحانه. " * (لا تنفذون إلا بسلطان) *) أي حجة.
قال ابن عباس وعطاء: لا تخرجون من سلطان، وقيل معناه إلا إلى سلطاني كقوله " * (وقد أحسن بي) *) أي أحسن ألي، وقال الشاعر:
أسىء بنا أفأحسني لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت وفي الخبر (يحاط على الخلق الملائكة وبلسان من نار ثم ينادون: يا معشر الجن والإنس إن استطعتم... فذلك قوله تعالى...).
" * (يرسل عليكم شواظ من نار) *) قرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق بكسر الشين، غيرهما بضمه، وهما لغتان مثل صوار من البقر، وصوار وهو اللهب، قال حسان بن ثابت يهجو أمية بن أبي الصلت:
هجوتك فاختضعت لها بذل بقافية تأجج كالشواظ