وقيل: خاطب بلفظ التثنية على عادة العرب، وقد مضت هذه المسألة في قوله سبحانه: " * (ألقيا في جهنم) *).
وأما الحكمة من تكرارها فقال القتيبي: إن الله سبحانه وتعالى عدد في هذه السورة نعماه، وذكر خلقه آلاءه. ثم أتبع ذكر كل كلمة وضعها، ونعمة ذكرها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين لينبههم على النعم ويقررهم بها، وهو كقولك لرجل: أحسنت إليه وتابعت بالأيادي، وهو في كل ذلك ينكرك ويكفرك: ألم تكن فقيرا فأغنيتك؟ أفتنكر؟ ألم تكن عريانا فكسوتك؟، أفتنكر هذا؟ ألم أحملك وأنت راحل؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن خاملا فعززتك؟، أفتنكر هذا؟ ألم تكن صرورة فحججت بك؟ أفتنكر هذا؟
والتكرار سايغ في كلام العرب، حسن في مثل هذا الموضع. قال الشاعر:
المم سلومه المم المم وقال الآخر:
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم وقال آخر:
فكادت فرارة تصلى بنا فأولى فرارة أولى فرارا وقال آخر:
لا تقطعن الصديق ماطرفت عيناك من قول كاشح أشر ولا تملن من زيارته زره وزره وزر وزر وزر وقال الحسين بن الفضل: التكرار لطرد الغفلة وتأكيد الحجة.
(* (خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق الجآن من مارج من نار * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * رب المشرقين ورب المغربين * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * وله الجوار المنشئات فى البحر كالاعلام * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * يسأله من فى السماوات والارض كل يوم هو فى شأن * فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *