تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٥٨
قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسوحي قال: حدثنا يحيى الحماني قال: حدثنا ابن مبارك عن سعيد بن يزيد أبي شجاع عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل " * (تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) *) قال: (تشويه النار فتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته).
" * (ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) *) التي كتبت علينا، قرأ أهل الكوفة غير عاصم: شقاوتنا بالألف وفتح الشين، غيرهم: شقوتنا بغير ألف وكسر الشين وهما لغتان، وهي المضرة اللاحقة في العاقبة، والسعادة هي المنفعة اللاحقة في العاقبة.
" * (وكنا قوما ضالين) *) عن الهدى " * (ربنا أخرجنا منها) *) أي من النار " * (فإن عدنا) *) لما تكره " * (فإنا ظالمون) *) فيجابون بعد ألف سنة " * (اخسئوا فيها) *) أي ابعدوا، كما يقال للكلب: اخسأ إذا طرد وأبعد " * (ولا تكلمون) *) في رفع العذاب فإني لا أرفعه عنكم ولا أخففه عليكم، وقيل: هو دلالة على الغضب اللازم لهم فعند ذلك أيس المساكين من الفرج.
قال الحسن: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار ثم لا يتكلمون بعدها إلا الشهيق والزفير ويصير لهم عواء كعواء الكلب لا يفهمون ولا يفهمون.
" * (إنه) *) هذه الهاء عماد وتسمى أيضا المجهولة " * (كان فريق من عبادي) *) وهم المؤمنون " * (يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا) *) قرأ أهل المدينة والكوفة إلا عاصما بضم السين ههنا وفي سورة ص، الباقون: بكسرها.
قال الخليل وسيبويه: هما لغتان مثل قول العرب: بحر لجي ولجي، وكوكب دري ودري، وكرسي وكرسي.
وقال الكسائي والفراء: الكسر بمعنى الاستهزاء بالقول، والضم بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل، ولم يختلفوا في سورة الزخرف أنه بالضم لأنه بمعنى التسخير والاستعباد إلا ما روي عن ابن محيص أنه كسره قياسا على سائره وهو غير قوى.
" * (حتى أنسوكم ذكري) *) أي أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم وتسخيرهم ذكري " * (وكنتم منهم تضحكون) *) نظيره قوله سبحانه " * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) *).
" * (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) *) على استهزائكم بهم في الدنيا، والجزاء: مقابلة العمل بما يستحق عليه من ثواب أو عقاب
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»