تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٦٠
حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا ابن شعيب الحراني قال: حدثنا يحيى بن عبد الله ابن الضحاك قال: سمعت الأوزاعي يقول: بلغني أن في السماء ملكا ينادي كل يوم: ألا ليت الخلق لم يخلقوا، ويا ليتهم إذ خلقوا عرفوا ما خلقوا له وجلسوا فذكروا ما عملوا.
فصل في ذكر وجوه الحكمة في خلق الله سبحانه الخلق قال المحققون: خلق الله سبحانه الخلق ليدل بذلك على وجوده وكمال علمه وقدرته، إذ لو لم يخلق لم يكن لوجوده معنى.
وأخبرني محمد بن القاسم قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن قال: قلت للحسن البصري في قوله سبحانه " * (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) *).
قال: الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، ومن رحم ربك غير مختلف.
فقيل له: ولذلك خلقهم؟.
قال: نعم، خلق هؤلاء لجنته وخلق هؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته وخلق هؤلاء لعذابه.
وأخبرنا محمد بن القاسم الفقيه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن موسى الفقيه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن أحمد بن نصر قال: سئل جعفر بن محمد: لم خلق الله الخلق؟
قال: لأن الله سبحانه كان محسنا بما لم يزل فيما لم يزل، إلى ما لم يزل فأراد سبحانه وتعالى أن يفوض إحسانه إلى خلقه وكان غنيا عنهم، لم يخلقهم لجر منفعة، ولا لدفع مضرة، ولكن خلقهم وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل، فمن أحسن كافأه بالجنة، ومن عصى كافأه بالنار.
وقال محمد بن علي الترمذي: إن الله سبحانه خلق الخلق عبيدا ليعبدوه فيثيبهم على العبودية ويعاقبهم على تركها، فإن عبدوه فهم اليوم عبيد أحرار كرام، وغدا أحرار وملوك في دار السلام، وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أباق سفلة لئام، وغدا أعداء في السجون بين أطباق النيران
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»