تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٤٣
مشى، إلى أن فطم، فعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن بلغ ان يتقلب في البلاد.
وقيل: الذكورة والأنوثية، وقيل: إعطاء العقل والفهم.
" * (فتبارك الله) *) أي استحق التعظيم والثناء بأنه لم يزل ولا يزال وأصله من البروك وهو الثبوت.
" * (أحسن الخالقين) *) أي المصورين والمقدرين، مجاهد: يصنعون و يصنع الله والله خير الصانعين.
ابن جريج: إنما جمع الخالقين لأن عيسى كان يخلق، فأخبر جل ثناؤه أنه يخلق أحسن مما كان يخلق.
وروى أبو الخليل عن أبي قتادة قال: لما نزلت هذه الآية إلى آخرها قال عمر بن الخطاب ح (فتبارك الله أحسن الخالقين) فنزلت " * (فتبارك الله أحسن الخالقين) *).
قال ابن عباس: كان ابن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأملى عليه هذه الآية، فلما بلغ قوله " * (خلقا آخر) *) خطر بباله " * (فتبارك الله أحسن الخالقين) *) فلما أملاها كذلك لرسول الله قال عبد الله: إن كان محمد نبيا يوحى إليه فانا نبى يوحى إلي، فلحق بمكة كافرا.
" * (ثم إنكم بعد ذلك لميتون) *) قرأ أشهب العقيلي لمايتون بالألف، والميت والمائت، الذي لم يفارقه الروح بعد وهو سيموت، والميت بالتخفيف: الذي فارقه الروح، فلذلك لم تخفف ههنا كقوله سبحانه وتعالى * (إنك ميت وإنهم ميتون) * * (ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) *) وإنما قيل: طرائق لأن بعضهن فوق بعض، فكل سماء منهن طريقة، والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة، وقيل: لأنها طرائق الملائكة.
" * (وما كنا عن الخلق غافلين) *) يعني عن خلق السماء، قاله بعض العلماء، وقال أكثر المفسرين: يعني عمن خلقنا من الخلق كلهم ماكنا غافلين عنهم، بل كنا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم.
وقال أهل المعاني: معنى الآية: إن من جاز عليه الغفلة عن العباد جاز عليه الغفلة عن الطرائق التي فوقهم فتسقط فالله عز وجل " * (يمسك السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنه) *) ولولا إمساكه لها لم تقف طرفة عين.
قال الحسن: وما كنا عن الخلق غافلين أن ينزل عليهم ما يجيئهم من المطر.
" * (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض) *) ثم أخرجنا منها ينابيع فماء الأرض هو من السماء.
" * (وإنا على ذهاب به لقادرون) *) حتى تهلكوا عطشا وتهلك مواشيكم وتخرب أراضيكم.
" * (فانشأنا لكم به) *) بالماء " * (جنات من نخيل وأعناب لكم فيها) *) يعني في الجنات " * (فواكه كثيرة ومنها تأكلون) *) شتاء وصيفا، وإنما خص النخيل والأعناب بالذكر لأنهما كانا أعظم ثمار الحجاز وما والاها، فكانت النخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف، فذكر القوم ما يعرفون من نعمه
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»