على ما روي في الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رجع من بعض غزواته: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر).
" * (هو اجتباكم) *) اختاركم لدينه " * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) *) ضيق فلا يبتلي المؤمن بشيء من الذنوب إلا جعل له منه مخرجا بعضها بالتوبة وبعضها بالقصاص وبعضها برد المظالم وبعضها بأنواع الكفارات، فليس في دين الإسلام ما لا يجد العبد سبيلا إلى الخلاص من العقاب فيه، ولا ذنب يذنبه المؤمن إلا وله منه في دين الإسلام مخرج، وهذا معنى رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه حين سأله عبد الملك بن مروان عن هذه الآية فقال: جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك، سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وقال بعضهم: معناه وما جعل عليكم في الدين من ضيق في أوقات فروضكم مثل هلال شهر رمضان والفطر والأضحى ووقت الحج إذا التبست عليكم وشك الناس فيها، ولكنه وسع ذلك عليكم حتى تتيقنوا محلها " * (ملة) *) أبيكم أي كملة " * (أبيكم إبراهيم) *) نصب بنزع حرف الصفة، عن الفراء، غيره: نصب على الاغراء أي الزموا واتبعوا ملة أبيكم إبراهيم، وإنما أمركم باتباع ملة إبراهيم لأنها داخلة في ملة محمد صلى الله عليه وسلم وأما وجه قوله سبحانه (ملة أبيكم) وليس جميعهم يرجع إلى ولادة إبراهيم فإن معناه: إن حرمة إبراهيم على المسلمين كحرمة الوالد، كما قال سبحانه " * (وأزواجه أمهاتهم) *) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما أنا لكم مثل الوالد)، وهذا معنى قول الحسن البصري (رحمه الله).
" * (هو) *) يعني الله سبحانه وتعالى " * (سماكم المسلمين من قبل) *) يعني من قبل نزول القرآن في الكتب المتقدمة " * (وفي هذا) *) الكتاب هذا قول أكثر المفسرين.
وقال ابن زيد: هو راجع إلى إبراهيم (عليه السلام) يعني أن إبراهيم سماكم المسلمين من قبل أي من قبل هذا الوقت في أيام إبراهيم " * (وفي هذا) *) الوقت، قال: وهو قول إبراهيم " * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) *) والقول الأول أولى بالصواب.
" * (ليكون الرسول شهيدا عليكم) *) أن قد بلغكم " * (وتكونوا شهداء على الناس) *) أن رسلهم قد بلغتهم " * (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله) *) وثقوا بالله وتوكلوا عليه.
وقال الحسن: تمسكوا بدين الله الذي لطف به لعباده.
" * (هو مولاكم) *) وليكم وناصركم ومتولي أمركم " * (فنعم المولى ونعم النصير) *)) .