أي نحوها وقصدها ماضيا لها، خارجا عن سلطان فرعون، يقال: داره تلقاء دار فلان إذا كانت محاذيتها، وأصله من اللقاء، ولم تصرف مدين لأنها اسم بلدة معروفة. قال الشاعر:
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا والعصم من شغف العقول القادر وهو مدين بن إبراهيم نسبت البلدة إليه كما نسبت مدائن إلى أخيه مدائن بن إبراهيم " * (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) *) قصد الطريق إلى مدين، وإنما قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها، فلما دعا جاءه ملك على فرس بيده عنزة فانطلق به إلى مدين.
قال المفسرون: خرج موسى من مصر بلا زاد ولا درهم ولا ظهر ولا حذاء إلى مدين وبينهما مسيرة ثماني ليال نحوا من الكوفة إلى البصرة، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، قال ابن جبير: خرج من مصر حافيا، فما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه.
(* (ولما ورد مآء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعآء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إنى لمآ أنزلت إلى من خير فقير * فجآءته إحداهما تمشى على استحيآء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جآءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين * قالت إحداهما ياأبت استئجره إن خير من استئجرت القوى الأمين * قال إنىأريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ومآ أريد أن أشق عليك ستجدنى إن شاء الله من الصالحين * قال ذلك بينى وبينك أيما الاجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل) *) 2 " * (ولما ورد ماء مدين) *) وهو بئر كانت لهم " * (وجد عليه أمة من الناس يسقون) *) مواشيهم " * (ووجد من دونهم امرأتين تذودان) *) تحبسان وتمنعان أغنامهما عن أن تشذ وتذهب، وقال الحسن: تكفان (أغنامهما) عن أن تختلط بأغنام الناس وترك ذكر الغنم اختصارا، قتادة: (تذودان) الناس عن شائهما، أبو مالك وابن إسحاق: تحبسان غنمهما عن الماء حتى يصدر عنه مواشي الناس ويخلوا لهما البئر، ثم يسقيان غنمهما لضعفهما، وهذا القول أولى بالصواب لما بعده، وهو قوله: " * (قال) *) يعني موسى " * (ما خطبكما) *) ما شأنكما لا تسقيان مواشيكما مع الناس؟
" * (قالتا لا نسقي حتى يصدر) *) قرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن وابن عامر وابن جعفر