تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٢
قال ابن عباس: أتى فرعون فقيل له: إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلا منا، فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم في ذلك، فقال: أبغوا لي قاتله ومن يشهد عليه، فلا يستقيم أن يقضى بغير بينة ولا ثبت فاطلبوا ذلك، فبينا هم يطوفون (و) لا يجدون ثبتا إذ مر موسى من الغد فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا آخر يريد أن يسخره، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى، وقد ندم على ما كان منه بالأمس من قتله القبطي، فقال موسى للإسرائيلي: " * (إنك لغوي مبين) *) ظاهر الغواية حين قاتلت أمس رجلا وقتلته بسببك، وتقاتل اليوم آخر وتستغيثني عليه.
وقيل: إنما قال للفرعوني: " * (إنك لغوي مبين) *) بتسخيرك وظلمك، والقول الأول أصوب وأليق بنظم الآية.
قال ابن عباس: ثم مد موسى يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعدما قال له: " * (إنك لغوي مبين) *) (فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس فخاف أن يكون بعدما قال له: إنك لغوي مبين أراده)، ولم يكن أراده، إنما أراد الفرعوني، فقال: " * (يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض) *) بالقتل ظلما، قال عكرمة والشعبي: لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين بغير حق.
" * (وما تريد أن تكون من المصلحين) *) ثم تتاركا، فلما سمع القبطي ما قال الإسرائيلي علم أن موسى قتل ذلك الفرعوني، فانطلق إلى فرعون، فأخبره بذلك، فأمر فرعون بقتل موسى ولم يكن ظهر على قاتل القبطي حتى قال صاحب موسى ما قال.
قال ابن عباس: فلما أرسل فرعون الذباحين لقتل موسى أخذوا الطريق الأعظم فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة أي آخرها، واختصر طريقا قريبا) وسبقهم فأخبره وأنذره) حتى أخذ طريقا آخر فذلك قوله: " * (وجاء رجل) *) واختلفوا فيه، فقال أكثر أهل التأويل: هو حزقيل بن صبورا مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم فرعون، فقال شعيب الجبائي: اسمه شمعون، وقيل: شمعان.
" * (من أقصا المدينة يسعى) *) قال الكلبي: يسرع في مشيه لينذره، مقاتل: يمشي على رجليه، " * (قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) *) أي يهمون بقتلك ويتشاورون فيك، وقيل: يأمر بعضهم بعضا نظيره قوله عز وجل: " * (وأتمروا بينكم بمعروف) *)، وقال النمر بن تغلب:
أرى الناس قد أحدثوا سمة وفي كل حادثة يؤتمر " * (فأخرج) *) من هذه المدينة " * (إني لك من الناصحين فخرج) *) موسى " * (منها) *) أي من مدينة فرعون " * (خائفا يترقب) *) ينتظر الطلب " * (قال رب نجني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين) *)
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»