تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨
(الذي) خفضا يعني تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك ثم ابتداء الحق يعني ذلك الحق كقوله: " * (وهم يعلمون الحق) *) يعني ذلك الحق.
وقال ابن عباس: أراد بالكتاب القرآن فيكون معنى الآية على هذا القول: هذه آيات الكتاب يعني القرآن، ثم قال: وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق، قال الفراء: وإن شئت جعلت (الذي) خفضا على أنه نعت الكتاب وإن كانت فيه الواو كما تقول في الكلام: أتانا هذا الحديث عن أبي حفص والفاروق وأنت تريد ابن الخطاب، قال الشاعر:
أنا الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم " * (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) *) قال مقاتل: نزلت هذه الآية في مشركي مكة حين قالوا: إن محمدا يقول القرآن من تلقاء نفسه، ثم بين دلائل ربوبيته وشواهد قدرته فقال عز من قائل: " * (الله الذي رفع السموات) *) وهذه الآية من جملة مائة وثمانين آية أجوبة لسؤال المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرب الذي تعبده ما فعله وصنيعه؟ وقوله: " * (بغير عمد ترونها) *) يعني السواري والدعائم واحدها عمود وهو العمد والبناء، يقال: عمود وعمد مثل أديم وأدم، وعمدان، وكذا مثل رسول ورسل، ويجوز أن يكون العمد جمع عماد، ومثل إهاب وأهب، قال النابغة:
وخيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد واختلفوا في معنى الآية فنفى قوم العمد أصلا، وقال: رفع السماوات بغير عمد وهو الأقرب الأصوب، وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: يعني ليس من دونها دعامة تدعهما، ولا فوقها علاقة تمسكها، وروى حماد بن سملة عن إياس بن معاوية قال: السماء مقببة على الأرض مثل القبر، وقال آخرون: معناه: الله الذي رفع السماوات بعمد ولكن لا ترونها، فأثبتوا العمد ونفوا الرؤية، وقال الفراء من تأول ذلك فعلى مذهب تقديم العرب الجملة من آخر الكلمة إلى أولها كقول الشاعر:
إذا أعجبتك الدهر حال من أمرى فدعه وأوكل حاله واللياليا تهين على ما كان عن صالح بهفان كان فيما لا يرى الناس آليا معناه: وإن كان فيما يرى الناس لا يألو. وقال الآخر:
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»